تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٠

____________________
صدر عن ذلك ليس بخارج عما تعلق به الطلب حتى يؤخذ موردا للنقض، كما أن ما صدر عن الغافل الابتدائي ليس بداخل في العنوان حتى ينتقل من بطلان كونه امتثالا إلى بطلان المدعى.
ومحصل الجواب: منع الملازمة على تقدير وبطلان اللازم على تقدير آخر، ومثله النقض بالناسي، فإن ما يصدر منه مطلوب للآمر بل عينه، وإن كان هو ناسيا لأمره.
وأما الشرع: فقد استدلوا منه على اعتبار النية في كل واجب إلا ما أخرجه الدليل بوجوه واهية غير ناهضة على مطلوبهم.
منها: قوله تعالى: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾ (١) حكى الاستدلال به عن العلامة في المنتهى، وعن المحقق في المعتبر، مضافا إلى قوله تعالى:
﴿فاعبد الله مخلصين له الدين﴾ (٢) وتمسك به العلامة والسيد في التهذيب والمنية على ما رأيناه.
وكان وجه الاستدلال به: أنه بقرينة النفي والاستثناء قصر للمأمور به العام المقدر بالعبادة على وجه الإخلاص، إما بزعم أن العبادة ما اعتبر في مفهومها عرفا ذلك، أو جعل الدين الذي هو الطريقة عبارة عن مجموع العقائد وفعل الواجبات، نظرا إلى أن الإخلاص به لا يتأتى إلا بقصد الامتثال.
والظاهر عدم الفرق بين جعل مدخول " اللام " غاية لمضمون الأمر، بدعوى: كون " اللام " للعلة، ليكون التقدير: " وما أمروا بشيء مما أمروا به إلا لأجل أن يعبدوا الله " أو جعله نفس المأمور به، بدعوى: كون " اللام " للتقوي نظير ما في قوله تعالى: (وأمرت لأعبد الذي فطرني) (٣) وقوله أيضا ﴿وأمرنا لنسلم لرب العالمين﴾ (٤) وغير ذلك مما وقع " اللام " عقيب الأمر أو الإرادة كقوله: ﴿إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت﴾ (5) كما توهم، ولا بين أن يقدر المأمور به على الأول من جنس المستثنى ليكون التقدير: " وما أمروا بالعبادة " على ما حكى عن ابن هشام في المغني من القول بأن هذه " اللام " لو كانت للغاية فلابد من كون مدخولها مفعولا للفعل المتقدم عليه، بمعنى لزوم أن يقدر مفعول ذلك الفعل من جنس مدخولها، أو غيره كما يتوهم أيضا.

(١) البينة: ٥.
(٢) الزمر: ٢.
(٣) كذا في الأصل، والآية المباركة هكذا: (ومالي لا أعبد الذي فطرني) (يس: ٣٦).
(٤) الأنعام: ٧١.
(٥) الأحزاب: ٣٣، وقوله أيضا: (يريد الله ليبين لكم) (منه). (النساء: 4).
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 308 310 314 320 330 331 332 333 334 335 ... » »»