تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٣٦

____________________
بها بقصد الإطاعة والانقياد، للقطع بأن العبد المأمور باشتراء اللحم - مثلا - إذا أتى به لا لداعي الأمر بل لأمر آخر غيره من احتياج نفسه إليه أو غير ذلك لا يقال: إنه مطيع، ولا يسمى فعله إطاعة، ولا نعني بالتعبد إلا هذا.
وأجيب عنه: بأن الأمر بالإطاعة مطلق فلا يتناول كل أمر، والقطع بعدم (1) إرادة إيجاد الإطاعة في الجملة ولو في ضمن أمر لا يقتضي القطع بإيجادها في ضمن كل أمر كما هو المطلوب، ولكنه ليس بسديد لوروده على ما يساعده العرف في سياق العموم، ويرشدك إلى ذلك ملاحظة قوله: " يجب على العبد إطاعة مولاه ".
وقد يجاب أيضا: بأن ما دل على وجوب الطاعة يعم امتثال الأوامر والنواهي ".
ومن البين أن جل النواهي بل كلها إنما يقصد منها ترك المنهى عنه من غير تقييد شيء منها بملاحظة قصد الامتثال والإطاعة، وكذا الحال في الأوامر المتعلقة بغير العبادات، فلو بنى على إرادة ظاهر معنى " الطاعة " لزم تقييدها بالأكثر وهو - مع مرجوحيته في ذاته - بعيد عن سياق تلك الأدلة، فإن المقصود وجوب طاعتهم في جميع ما يأمرون به وينهون عنه، وكذا وجوب اعتبار ملاحظة طاعة النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) في الإتيان بما يأمرون به، كأنه مما لم يقل به أحد.
ومن البين ورود الجميع على سياق واحد، وقد ورد نحوه في إطاعة الزوجة والعبد للزوج والسيد مع عدم وجوب اعتبار الملاحظة المذكورة، فالأولى إذن حمل " الطاعة " على ترك المخالفة والعصيان فيما يأمرون به وينهون عنه... إلى آخره.
والأولى أن يقال: بأنه إن أريد أن أوامر الإطاعة مما توجب تكليفا آخر على المكلف بالنسبة إلى قصد الامتثال مستقلا، بحيث يبقى الأوامر الخاصة على إطلاقها، ليلزم منه حصول الامتثال بها لو أتى بمتعلقاتها لا بقصد الامتثال مع ترتب الإثم والعقاب على مخالفة أوامر الطاعة، كحصول الامتثال بهما معا لو أتى بها مقرونة بالقصد المذكور كما هو الشأن في سائر الواجبات المتعددة.
ففيه: مع أنه خروج عن المتنازع فيه كما لا يخفى، أنه مما لا يساعده طريقة العرف الموافقة لحكم العقل بلزوم تحصيل مطلوب الآمر على وجهه، من حيث إنها لا يراد منها إلا الإرشاد وتحذير المكلف عما يوقعه في الندامة باستحقاق العقاب، نظير ما ورد في الشرع

(1) كذا في الأصل، وينبغي أن تكون العبارة هكذا: " والقطع بإرادة... إلخ " - والله العالم -.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 339 340 342 343 344 ... » »»