تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٤٣

____________________
الدال على الطلب مع المباشرة.
وإن أريد استفادتها من الخارج، فقضاؤه بذلك الفرق على وجه يكون ضابطا كليا فيهما ممنوع، كيف وفي التعبديات أيضا ما سقط عنه اعتبار المباشرة شرعا.
وتحقيق المقام يستدعي بسطا في الكلام، المقتضي للنظر في أن الواجبات مطلقا، بل العبادات بالمعنى العام الشامل للمندوبات أيضا، هل الأصل فيها لزوم المباشرة أو جواز عدم المباشرة أيضا؟
ويظهر الثمرة في النيابة والاستنابة، وجواز أخذ الأجرة بالنسبة إلى مورد الشك الذي لم يرد من الشرع ما يوجب جواز ذلك فيها، ولا ما يدل على عدم الجواز.
فنقول: لا خفاء أن الواجبات وغيرها من العبادات وغيرها بحكم الاستقراء على أنواع.
منها: ما لا يقبل النيابة والاستنابة قطعا، كالفرائض اليومية ونوافلها، والحج الواجب على غير العاجز، والصوم الواجب، وواجبات الزوجة على الزوج من المضاجعة معها والوطء بها في موضع الوجوب.
ومنها: ما يقبلها قطعا كالحج الواجب على العاجز، وتطهير الثوب وتحصيل الساتر للصلاة، وتغسيل الأموات وتكفينهم، والصلاة عليهم ومواراتهم وحفر قبورهم والحج المندوب ونحو ذلك، وهذان النوعان خارجان عن محل الكلام جزما.
ومنها: ما يشك في قبوله لها وعدمه كغسل الجمعة والزيارات والصدقات ونحوها، ومنشأه الشك في اعتبار المباشرة وعدمه، فحينئذ ربما يمكن أن يقال بالمنع عن ذلك، القاضي باعتبار المباشرة أخذا بموجب قوله عز من قائل: (ألا تزر وازرة وزر أخرى) (1) و (أن ليس للإنسان إلا ما سعى) (2) بتقريب: أن الحصر يفيد أن الإنسان لا يثبت له عدا ما يسعى فيه.
وقضية ذلك توقف ما يثبت له من الأعمال والخيرات على المباشرة النفسية.
ولو قيل: إن الاستنابة وبذل الأجرة أيضا نوع من السعي، لدفعناه: بظهور السعي المسند إليه في المباشرة، مضافا إلى أن العبادات وغيرها إن ثبتت مشروعيتها بالأدلة اللفظية فظاهرها العينية والمباشرة النفسية، وإن ثبتت بالأدلة اللبية فقضية الاقتصار على القدر المتيقن هو المباشرة أيضا لأنه مورد اليقين مما أثبته اللب جزما.
ولو قيل: بمنع ذلك، بدعوى: أن الأصل في كل عبادة قبول النيابة وعدم اعتبار

(1 و 2) النجم: 38 و 39.
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 339 340 342 343 344 346 347 353 357 ... » »»