تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٣٤٧

____________________
- كالأمر بالتوجه إلى الكعبة في الصلاة والأمر بالتوجه إلى بيت المقدس فيها أيضا أو شرعا - كالأمر بالصلاة في وقت معين والأمر بالصدقة بما يوجب الفعل الكثير الماحي لصورة الصلاة في ذلك الوقت - وكان المقام مما اجتمع فيه شرائط النسخ يحمل عليه لشهادة القوة العاقلة به مع بناء العرف عليه وقضاء العادة، وإلا فلا مناص من كونه مخيرا في الإتيان بأيهما شاء، هذا مضافا إلى أنه المفهوم منهما في العرف والعادة.
وإن كان بالاختلاف الغير المنافي، لإمكان الإتيان بهما معا وأمكن الجمع بينهما في آن واحد، كالأمر بالصلاة والأمر بالصوم، يجوز الإتيان بهما بالجمع أو التفريق لأصالة البراءة عن التعيين، مضافا إلى ظهور اللفظ وبناء العرف والعادة من غير فرق في ذلك بين تخلل العطف وعدمه، ولا بين اتصال الأمر [ين] وانفصالهما إلا أن يقضي خارج بتعيين أحدهما كالأمر بإجزاء الوضوء (1) ونحوه الأمر بإجزاء الصلاة في مثال الجمع، والأمر بالصوم مع الأمر بالصلاة ليلا في مثال التفريق، وإن لم يمكن الجمع بينهما كالأمر بالصلاة والوقاع تعين التفريق في الإتيان بهما، والوجه في الكل واضح بعد ملاحظة بناء العرف ومجاري العادات مع قضاء القوة العاقلة.
وأما الصورة الثانية: فيما لو تساوى المفهومان كالأمر بإكرام الحاج مع الأمر بإكرام المعتمر، فإن كان ذلك بتوسط العطف كان ظاهرا في تعدد التكليف كاشفا عن الاستحقاق من جهتين وإن اتحد المورد بحسب المصداق والوجود الخارجي، قضية لظهور " الواو " في المغايرة فلا ينافيها أصالة البراءة، وإلا فالأقرب إرادة التأكيد لمكان ما هو الغالب في نظائر المقام، إلا مع العلم بتعدد السبب القاضي بتعدد التكليف، أو العلم بتعدد أصل التكليف من خارج، وهل يتداخل التكليفان عند الامتثال أو لا؟ وجهان مبنيان على الأصل الآتي.
وأما الصورة الثالثة: فيما لو كان أحد الأمرين أخص مطلقا من الآخر، تقدم أو تأخر أو تقارنا كقوله: " أعتق رقبة " مع قوله: " أعتق رقبة مؤمنة " ولا إشكال فيهما مع العلم بوحدة التكليف أو تعدده أو العلم بتعدد السبب، بل الإشكال إنما هو في موضع الاحتمال.
واحتمال أنه يندفع بإطلاق قولهم بوجوب حمل المطلق على المقيد.
يدفعه: تعليل تلك القاعدة في كلام الأكثر بكونها طريق يجمع بين المطلق والمقيد، فإنه - مضافا إلى تصريح بعضهم - مما يشهد بكونها إنما تجري في موضع العلم بوحدة

(1) كذا في الأصل، والصواب " الصوم " بدل " الوضوء " تطرأ إلى السياق والله العالم.
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 342 343 344 346 347 353 357 360 362 363 ... » »»