تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٥

____________________
الوجوب لو لا الفور، بأنه يلزم التكليف بالمحال لو تعين التراخي وأما لو جاز فلا لإمكان الامتثال بالمبادرة - من أنه التزام بوجوب الفور في العمل لتحصيل براءة الذمة ... إلى آخره، بما ينتهي إلى ما اطلق في قوله بأنه: " فعلي هذا لو أخر وتيسر له فعله لم يأثم وإلا أثم، ولا امتناع في مثل هذا التكليف ".
وصححه بعض الفضلاء بأنه مبني على جواز خلو مثل تلك الواقعة عن حكم ظاهري والتزامه غير بعيد، بناء على عدم الملازمة بين العقل والشرع إذ اشترط التكليف بالعلم على إطلاقه ممنوع، وإنما المسلم منه ما أدى إلى تكليف بما لا يطاق، وحصوله في المقام في محل المنع لامكان الامتثال بالمسارعة.
وهذا كلام منه قد وقع في بحث الفور كما أن كلام المورد واقع هنا، ثم تصدى بتنقيح ذلك في مبحث الواجب الموسع وقال: " بأن قضية التوسعة الواقعية جواز التأخير الواقعي وكلاهما مشروط ببقاء التمكن واقعا، ثم عند جهل المكلف بالشرط لا يخلو إما أن يجعل له حكم في الظاهر من وجوب التعجيل مطلقا فيعصى بالتأخير [مطلقا] (1) أو جواز التأخير مطلقا فلا يعصى به مطلقا، أو لا يجعل له حكم في الظاهر فيناط حاله بالواقع، فإن صادف تركه عدم التمكن عصى وإلا لم يعص، وهذا القسم في الحقيقة واسطة بين القسمين الأولين، إذ ليس فيه عصيان على الإطلاق ولا عدم عصيان على الإطلاق، بل عصيان على تقدير وعدم عصيان على تقدير.
وقضية جواز وقوع كل من المطلقين جواز وقوع كل من المقيدين، إذ لا يعقل للانضمام مدخل للجواز.
نعم يحكم العقل بوجوب المسارعة إلى الفعل حينئذ عند ظن الفوات أو خوفه وجوبا ظاهريا وإن لم يتحقق الفوات واقعا دفعا للضرر المخوف، كما أنه يحكم بعدم وجوبها عند ظن السلامة أو العلم بها، فلا يتم القول بنفي الوجوب الشرعي في الأول والجواز الشرعي في الثاني عند من يلتزم بالملازمة بين حكم العقل والشرع مطلقا وذلك واضح ".
ثم قال: " ثم اعلم أن الوجوه المذكورة لا تختص بالمقام بل يجري في غيره أيضا، كما لو اشتبه المحرم بالجائز فيجوز أن يكلف في الظاهر بتحصيل العلم بترك الحرام، فيعصى بارتكاب الجميع والبعض وإن لم يصادف الحرام، وإن تأكدت الحرمة مع مصادفة المحرم

(1) أثبتناه من الفصول: 106.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 271 274 285 294 297 303 306 308 ... » »»