تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٧٤

____________________
ولكن تماميته محل تأمل عندنا، لتوجه المنع إلى بعض مقدماته وهو منع لزوم عدم حصول المأمور به في الخارج غالبا لولا عدم جواز التأخير مع الظن بالفوات بعده، فإن غالب صور المسألة بحكم العادة إنما هو الظن بعدم الفوات وهو ملزوم لغلبة حصوله في الخارج.
وأما الخامس: فهو أيضا كالأول ما لم يؤد إلى التهاون في الواجبات، للإطلاق القاضي بالتوسعة المتناول لصورة الشك أيضا مع فقد ما يقضي بخروجها عن تحته، مضافا إلى أصالة البراءة عن الإثم بالتأخير، من غير فرق في ذلك بين الموسع الموقت والموسع الثابت بحكم العقل في الواجب المطلق.
فلا وجه لما حكى من القول بالتفصيل بينهما حاكما بجواز التأخير في الأول نظرا إلى إطلاق الإذن في التأخير بخلاف الثاني، فإن حكم العقل بجواز التأخير إنما هو من جهة وثوقه بحصول الفعل ولا وثوق مع الشك.
وفيه: ما لا يخفى، من أن حكم العقل إنما هو من جهة إطلاق الأمر وعدم تعرض الآمر لتقييده بما يوجب خروج زمان الشك عن زمان الفعل أو الرخصة.
ومن البين أن الإطلاق ثابت على كل تقدير، فلا يتفاوت الحال فيه بالنسبة إلى صورة الشك وغيره.
غاية الأمر أنه قد قيده الدليل الخارج بالنسبة إلى صورتي العلم أو الظن بالفوات في الزمان المتأخر فبقي الباقي تحته حيث لا دليل يوجب تقييده أيضا.
ومن هنا يتبين ضعف ما أفاده بعض الأفاضل من أن في جواز التأخير وعدمه حينئذ وجهين، من استصحاب القدرة وبقاء الوقت وثبوت جواز التأخير بحكم الشرع فلا يدفع بمجرد الاحتمال، ومن وجوب الفعل وعدم جواز الإقدام على تركه ومع الشك المفروض يكون تأخيره في الفعل إقداما على ترك الامتثال لعدم الاطمئنان حينئذ بأداء الواجب.
فإن قلت: قضية وجوب الاحتراز عن الضرر المحتمل هو الضيق أيضا، إذ لا ريب أن تأخير المأمور به حينئذ مما يحتمل فيه الضرر فيجب دفعه.
لا يقال: إنا نمنع الكبرى إن كان المراد بالاحتمال هو المساوي أو المرجوح، إذا لا دليل على وجوب الاحتراز عن مثل ذلك الضرر، أو كليتها (1) إن كان المراد أعم منهما ومن الراجح، فإن القدر المسلم إنما هو في الاحتمال الراجح كما تقدم.

(1) أي نمنع كلية الكبرى إن كان المراد الخ.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 271 274 285 294 297 303 306 ... » »»