تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٧١

____________________
به القوة العاقلة أيضا.
والمفروض أن انفكاك اللازم عن ملزومه الخاص معقول بل واقع عرفا وشرعا.
فقضية ما قررناه أنه كلما ثبت الفور بدليل خارج في الأوامر العرفية لابد وأن يحمل على التعددي وكذلك لو ثبت في الأوامر الشرعية، لانصباب خطابات الشرع مصب طريق العرف (1).
وإذا لم يوجد دليل خاص على الفور فهل يحمل عليه الأوامر المطلقة أو لا؟
قد يقال: بأن الأوامر [العرفية] تحمل عليه نظرا إلى غلبة الفور فيها بخلاف الأوامر الشرعية التي لا غلبة فيها بالنسبة إلى الفور، لأن بعضها موسعات والأخر مضيقات والثالث مطلقات فلا ينزل الثالث على أحد الأولين لعدم غلبة أحدهما على الآخر، فتحمل على المعنى اللغوي وهو طلب الماهية، إلا أنه ملازم للتوسعة من باب الإطلاق فلا فرق بينهما وبين الموسعات في ذلك، إلا أنه فيها ثابت بالدلالة الالتزامية وفي الموسعات بدلالة خارجة زيادة على الدلالة الالتزامية، وقضية التوسعة حينئذ جواز التأخير ما لم يصل حد التهاون، وإلا لما كان جائزا بالاجماع وضرورة العقل، هذا تمام الكلام في أحد الأمرين.
- وثانيهما (2) - تفصيل ما أشرنا إليه في طي رد الاستدلال على الفور بالبرهان العقلي المتقدم.
فإذ قد عرفت أن الأمر المطلق يحمل على التوسعة من باب الالتزام أخذا بموجب إطلاقه، فلابد من التنبيه على مقدار التوسعة، وعلى أنه بل الموقت الموسع اللذين مبناهما على التوسعة بالذات هل يتضيقان بالعرض أو لا؟
فنقول: إن الموسع في الشريعة قد ورد على قسمين:
الأول: ما يكون محدودا بما أوجب كونه موقتا من الوقت المعين كالفرائض اليومية.

(١) لكن يرد على الوجه المذكور: أن المقتضي للدلالتين إنما هو الإطلاق الذي هو عبارة عن ترك بيان الوقت، فإن العقل بملاحظته إنما حكم بثبوت الرخصة في التأخير الملزومة للصحة في الزمان المتأخر لئلا يلزم الاغراء بالجهل المنافي لحكمة الحكيم، فإذا جاء من الخارج بيان إرادة الفور ينتفي ذلك الإطلاق ومعه لا يبقى لبقاء الصحة في الزمان المتأخر مقتض وكون القدر المتيقن مما خرج عن الإطلاق هو الإثم دون غيره غير كاف في ثبوت الإطلاق بالنسبة إلى الصحة، لأن عدم البيان حينئذ بالنسبة إليها غير معلوم، على أنها كانت فرعا على ثبوت الرخصة في التأخير بحكم العقل من جهة منافاة عدمها مع الرخصة في التأخير وعدم كونه معقولا معها، فإذا انتفى الأصل لا يبقى إلى الحكم ببقاء الفرع داع، فانحصر دليل المقام في بناء العرف مع الاستصحاب وهو غاية ما يمكن أن يقال به (منه).
(2) إن هذا هو ثاني الأمرين، تقدم أولهما في ص 327.
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 271 274 285 294 297 303 ... » »»