تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٠

____________________
إلا أنه لا مانع عن كون نظرهم في الاستدلال به إلى توهم كونه العلة الباعثة للواضع على وضع الصيغة للفور.
فيرد عليهم: حينئذ أن ترجيح اللغة بالعقل غير سائغ، مع أن القول بالوقف لا يصح توجيهه إلا إلى كونه وقفا في وضع الصيغة، وإلا فالوقف من جهة المراد قد يتفق حصوله لأصحاب القول بالماهية بل الفور والتراخي أيضا كما لا يخفى، فيفوت المقابلة بينه وبينها وهو كما ترى.
الأمر الثالث: قد يتخيل في بادئ النظر خروج القائلين بالتكرار عن هذا النزاع، نظرا إلى أن محصل المراد بالتكرار - على ما تقدم تفصيل بيانه - الإتيان بالمأمور به في جميع أزمنة الإمكان فيندرج فيها زمان الفور أيضا في بعض تفاسيره، ولعله الباعث على تخصيص الخلاف عند تحرير العنوان بغيرهم كما في الكواكب، وعدهم من القائلين بالفور كما في المنية.
وربما يعلل ذلك أيضا - مضافا إلى ما قررناه - بأنه لو كان الفور مدلولا آخر للصيغة عندهم غير الدوام - على حسبما يجعله القائل بالمرة - لزم اعتبار الدوام حينئذ بالنسبة إلى مصداق الفور لا إلى آخر أزمنة الإمكان ولا يقول به القائل بكونه للدوام، واللازم حينئذ عدم كون الفورية مدلولا آخر للصيغة بل ليس مفاد الصيغة عنده إلا طلب طبيعة الفعل على وجه الدوام ويتبعه لزوم الفور.
ولكن الذي يعطيه التأمل - نظرا إلى ما قدمنا تحقيقه من كون النزاع في دلالة الصيغة باعتبار الوضع - جواز دخولهم في النزاع أيضا، لوضوح الفرق بين كون الشيء مدلولا التزاميا خارجا عن الموضوع له أو تضمنيا داخلا فيه، فيرجع النزاع حينئذ إلى أن استفادة الفور عن الصيغة هل هي بطريق الدلالة بالالتزام ولو من جهة العقل المستلزمة لعدم كونه ملحوظا في نظر الواضع أصالة، أو هي بطريق الوضع الموجب لكونه ملحوظا عند الوضع بالخصوص، إلا أنه على هذا التقدير يفوت (1) عليهم بلا فائدة كما لا يخفى.
وأما القول بأن القائل المذكور كما يقول بوجوب الفور كذا يقول بالتراخي أيضا بل بوجوبه، تعليلا: بأنه كما يحكم بوجوب الفعل في أول الأزمنة كذا يقول بوجوبه في آخرها فيتساوى نسبته إلى القولين ويكون قائلا بوجوب الفور والتراخي معا، فواضح الفساد جدا.

(1) كذا في الأصل.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 215 217 218 220 221 222 223 224 227 ... » »»