تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٣

____________________
والحق: أنه لا ملازمة بينهما أصلا، لا لما قيل (1) في دفع الإيراد المذكور من أن ما ذكر في حد الفعل إنما هو بالنسبة إلى أصل وضع الأفعال، وإلا فقد يكون الفعل منسلخا عن الدلالة على الزمان كما هو الحال في الأفعال المنسلخة عن الزمان، فلا مانع من أن يكون فعل الأمر أيضا من ذلك.
أو أن المقصود بما ذكر في الاحتجاج عدم دلالة " الأمر " على خصوص الحال والاستقبال وذلك لا ينافي دلالته على القدر الجامع بينهما، فيفيد طلب إيقاع الفعل في أحد الزمانين ومعه يحصل دلالته على الزمان ليتم به مدلول الفعل، ولا يفيد خصوص شيء من الفور والتراخي - كما هو المدعى - كما قرره بعض الأفاضل، لأن كل ذلك كلام قد وقع على خلاف التحقيق.
أما الأول: فلاتفاقهم على حصر الأفعال المنسلخة فيما لا يكون المقام داخلا فيه، كيف وأنه لم يتعرض لذكره معها أحد من علماء العربية، بل المصرح به في كلامهم خلاف ذلك كما عرفت في تقرير الاستدلال بما ذكروه.
والمفروض أن مجرد الاحتمال غير كاف في الالتزام بما يخالف الأصل، ولا سيما إذا عارضه ما يصلح دليلا على الخلاف.
وأما الثاني: فلأن كون مدلول الفعل من الزمان هو القدر الجامع بين الزمانين غير منطبق على ما ذكره النحاة.
فإن ظاهرهم اعتبار الخصوصية في مدلول الفعل، فلذا تراهم في حد الفعل يذكرون:
" أنه يدل على أحد الأزمنة " وأنهم اختلفوا في الفعل المضارع الواقع تارة على الحال وأخرى على الاستقبال، وصاروا على مذاهب ثلاث من اشتراكه بينهما لفظا وكونه حقيقة في أحدهما ومجازا في الآخر، فكأن احتمال كون مدلول الفعل هو القدر الجامع بين الزمانين ساقط عندهم حيث لم يتفوه به أحد منهم، فكيف يؤخذ ذلك وجها للجمع بين قولهم وكلام المصنف، فإنه عذر عمن لا يرضى بالاعتذار به.
بل (2) لأن الزمان المأخوذ في مدلول الأمر ظرف للطلب بل قيد له مخرج لما لا تنجز له في حال الخطاب، كما في الطلبات التعليقية التي يكون استعمال الأمر فيها مجازا، والفور على فرض ثبوته في مدلوله قيد للحدث فلا يلزم من اعتبار الأول في مدلوله بحسب الوضع اعتبار الثاني فيه، كما لا يلزم من انتفاء الثاني انتفاء الأول.

(1) كما في كلام بعض الأفاضل. (منه).
(2) متعلق بقوله: " لا لما قيل الخ ".
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 220 221 222 223 224 227 228 230 231 ... » »»