تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢١٢

____________________
في المثال من جهة قرينة المقام وشهادة الحال والخصم لا ينكره.
حجة القول بالتكرار: غلبة وروده للتكرار في الشرع، كقوله (١) تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) (٢) و (وإن كنتم جنبا فاطهروا) (٣) و (فلم تجدوا ماء فتيمموا) (٤) و ﴿الزانية والزاني فاجلدوا﴾ (٥) و ﴿السارق والسارقة فاقطعوا﴾ (6) إلى غير ذلك من الآيات والروايات، فإن الأمر يتكرر فيها بتكرر الشرط، فكذا فيما يحصل فيه الشك إلحاقا بالغالب.
وقد يقرر: بأن كل أمر ورد في الكتاب والسنة معلقا عليهما يفيد التكرار، وليس ذلك إلا لكونه لغة كذلك، وإلا لزم المجاز والنقل المخالفان للأصل.
ويقرر أيضا: بأن الغالب في التعليق على الشرط إفادة التسبيب وكون الأول قاضيا بترتب الثاني عليه، ألا ترى أن قولك: " إن جاءك زيد فأكرمه " و" إن ضربك فاضربه " و" إن قاتلك فاقتله " و" إن جاءك فأعنه " و" إن زارك فزره " إلى غير ذلك من الأمثلة إنما يفيد ترتب الثاني على الأول وتسببه عنه، ثم يستشهد له بما تقدم من تنصيص أهل المنطق.
وأجيب عن الأول: بأن التكرار فيما ذكر إنما هو من جهة فهم العلية، ولا إشكال فيه، ولا يخفى وهنه.
بل الأولى أن يجاب: بأن الاستقراء في الشرعيات - إن تم أركانه مفيدا للظن باللحوق - يصلح دليلا على الحمل على التكرار في موضع الشك والاشتباه، وحمله عليه لقيام دليل عليه ليس مما ينكره أحد، وهو لا يقضي بكون التعليق من حيث هو مما يفيد التكرار عرفا كما هو محل البحث.
وعن الثاني: بمنع الكلية، فإن الحج معلق على الاستطاعة مع عدم تكرره بتكررها.
نعم أغلب العبادات كذلك، وبأغلبيتها لا يثبت الغلبة مطلقا، مع أن الغلبة لا تكون دليلا شرعيا، وهو أيضا كسابقه في الوهن.
والأولى أن يقال: أن كون كل أمر معلق في الكتاب والسنة كذلك - على فرض تسليمه - لا يلازم كونه في العرف واللغة أيضا كذلك، ولا يلزم من ذلك مجاز فيما ذكر ليكون مخالفا للأصل، لجواز كون الاستعمال في ذلك من باب إطلاق الكلي على الفرد بإرادة الماهية من اللفظ والتكرار من الخارج، نظرا إلى ما تقرر من أنه في اللغة والعرف لطلب

(١) في الأصل: " فإن قوله الخ " والصواب ما أثبتناه في المتن.
(٢ - ٤) المائدة: ٦.
(٥) النور: ٢.
(٦) المائدة: ٣٨.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 208 209 212 213 215 217 218 220 ... » »»