تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٢٢

____________________
وأخرى على ما هو لازم التعجيل سواء كان محدودا بوقت كالمضيق بالمعنى الأخص أو عدمه كما ذكر من الأمثلة، فالأول فور بالمعنى الأخص كما أن الثاني فور بالمعنى الأعم، فلا جرم يكون المراد بالفور في المقام هو المعنى الأول إذ الكلام في دلالة الصيغة عليه وهي غير مفيدة لشيء من التوقيت والتحديد لا أولا ولا آخرا.
فمما قررنا تبين أن موضع النزاع ما لم يثبت توقيته من التوسعة أو التضييق ولا فوريته وتراخيه من الخارج لكون الكل واضح الخروج عنه.
وهل المراد بالفور على المعنى المذكور هو الفور العقلي الذي يعبر عنه بثاني زمان الخطاب كما في إنقاذ الغريق وإطفاء الحريق، أو العرفي الغير المنافي له تخلل نفس ولا عطاس وسعال ولا شرب ماء كما في رد الدين والوديعة، أو أول أزمنة الإمكان، وجوه خيرها أخيرها اعتبارا وأوسطها ظاهرا.
وربما يفسر الفورية العرفية بما يختلف على حسب اختلاف الأفعال في الاحتياج إلى التهيؤ للأسباب وتحصيل الاستعداد المتفاوتان أيضا قلة وكثرة بتفاوت طول زمان المأمور به قلة وكثرة كالسفر إلى القرية أو البلاد القريبة أو النائية وعدمه (1).
وربما يذكر للفور معنى آخر وهو ما لا يصل إلى حد التهاون كما عن بعض المتأخرين، وفي كونه تحديدا للفور نظر، وإنما هو حد لجواز التراخي دل عليه القوة العاقلة، فإن التهاون بأوامر الشرع محرم بحكم العقل القاطع فيحرم التأخير إليه من باب المقدمة، والظاهر أنه ليس مما ينكره أحد فكيف يجعل حدا للفور الذي ينكره الأكثرون.
الأمر الخامس: ربما يتوهم بين الفور وزمان الحال المأخوذ في مداليل الأفعال ملازمة، فمن هنا يورد على المصنف في احتجاجه الآتي بأن: " مدلول الأمر طلب حقيقة الفعل والفور والتراخي خارجان عنها " بأن ذلك لا يوافق ما تقرر عند النحاة من دلالة الفعل على أحد الأزمنة الثلاثة جاعلين لها مائزا بين الأسماء والأفعال، بل ربما يؤخذ قول النحاة بأن الأمر للحال دليلا على كونه للفور كما سيأتي تقريره.

(1) ويظهر عن بعض الأعاظم القطع بذلك، حيث قال: المراد بالفور عند القائلين به ما يعد في العرف فورا وهو يختلف بحسب اختلاف الآمر والمأمور به، كأن يكون الآمر شخصا وقورا وأمر بما يتعلق بركوبه أو خروجه، بخلاف من كان عجولا أو يكون المأمور ضعيفا أو قويا أو ذاحشمة أو يكون المأمور به سقيا أو سفرا بعيدا أو قريبا أو غير ذلك وهو ظاهر، ويتفرع عليه جواز التأخير في رد السلام باتمام آية أو نحوها إذا لم يوجب فصلا طويلا، سواء كان في الصلاة أو غيرها (منه).
(٢٢٢)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 217 218 220 221 222 223 224 227 228 230 ... » »»