تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
وهو يحصل بمرة، وأيضا التكرار في الأمر مانع من فعل غير المأمور به *.
بخلافه في النهي، إذ التروك تجتمع وتجامع كل فعل.
____________________
و" انتفى " أو مدلولا عليهما بالتضمن أو الالتزام، فقولك: " أكلت الخبز " و" شربت الماء " و" بعت العبد " و" اشتريت الجارية " داخل في القسم الأول، كما أن قولك: " امتنعت عن الشرك " و" أبيت الكفر " و" أنكرت النفاق " و" تركت الظلم " و" كففت عن الإساءة " مندرج في الثاني.
فبهذا الاعتبار يدخل الأوامر بأسرها في القسم الأول ويندرج النواهي بأجمعها في القسم الثاني، ضرورة أن قولك: " اضرب " ونحوه في معنى قولك: " أوجد الضرب " أو " أطلب منك إيجاد الضرب " كما أن قولك: " لا تضرب " ومثله في معنى قولك: " اتركه " أو " كف نفسك عنه " أو " أطلب منك تركه " أو " كف النفس عنه " ومدرك تلك القاعدة إما فهم العرف وشهادة الاستعمالات، أو حكم العقل ومساعدة الاعتبارات، لقضاء القوة العاقلة بأن الطبيعة في تحققها تكتفي بفرد من أفرادها وفي انعدامها تتوقف على انعدام جميع أفرادها، فلا حاجة لها على الأول إلى انضمام فرد آخر إلى الفرد الذي تحققت في ضمنه، كما أنه لا تتصور انعدامها مع وجود بعض أفرادها.
وبما قررناه ينقدح جواب آخر عن الاستدلال وهو منع الحكم في المقيس عليه، فإن دوام النهي وتكراره ليس من مقتضيات الصيغة، مع أن المطلوب إثبات كونه من مقتضيات الصيغة بحسب الوضع واللغة كما مر مرارا، ولعله أسد وأقوم من الأجوبة ا لأخر، إلا أنه لم نجد في كتب القوم إشارة إليه.
* وهذا هو الثاني من وجهي الفرق بين المقيس والمقيس عليه اللذين أشرنا إليهما، إلا أنه اعترض عليه: (1) بأن من قال بالتكرار قال بأنه للتكرار الممكن عقلا وشرعا كما صرح به الآمدي في الإحكام، فلا يكون التكرار في زمان يمنع من فعل غير المأمور به مما يلزم فعله شرعا أو عقلا مما يجب عليه، لأنه تكرار غير ممكن، فلا يكون التكرار على مذهبه مانعا من فعل غيره مما يجب فعله.
والظاهر في النظر القاصر ورود ذلك الكلام في هذا المقام على خلاف التحقيق، لأن

(1) المعترض هو السلطان.
(١٩٨)
مفاتيح البحث: النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 194 195 196 197 198 199 203 204 205 206 ... » »»