تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
والجواب: أنه إنما صار ممتثلا، لأن المأمور به - وهو الحقيقة - حصل بالمرة، لا لأن الأمر ظاهر في المرة بخصوصها، إذ لو كان كذلك لم يصدق الامتثال فيما بعدها *.
____________________
واضح، [حتى] يصلح للاستناد إليه، ولو سلم فأقصى ما يفيده عدم الدلالة على التكرار وأما دلالته على المرة فلا، وإنما يفيد مطلق الطبيعة فينبغي أن يكون الأمر أيضا كذلك، فهو بالحقيقة من شواهد القول بالطبيعة.
وثالثها: أن صيغة الأمر إنشاء كسائر الإنشاءآت من العقود والإيقاعات، وكما أن الحاصل من قولك: " بعت " و" أجرت " و" أنت طالق " ليس إلا بيع واحد، وإجارة واحدة، وطلاق واحد، فكذا الحاصل من قولك: " اضرب " ليس إلا طلب ضرب واحد.
وجوابه: - مع أنه قياس ومع الفارق من وجوه شتى (1) كما لا يخفى على المتأمل - واضح بعد ملاحظة الفرق بين المنشأ وما يتعلق بالمنشأ، ومعلوم أن الوحدة في " اضرب " ونحوه وصف في المنشأ وهو الطلب، ضرورة أنه لا يقصد منه إلا طلب واحد، كما أنها في الأمثلة المذكورة وصف للمنشأ وهو البيع وغيره من المعاني المادية، ووحدة الطلب لا تلازم وحدة المطلوب، كما أن وحدة البيع لا تلازم وحدة المبيع، وموضع النزاع هو الثاني والدليل لا يوجبه، وكأن الاستدلال به اشتباه في موضع الخلاف أو خلط بين المنشأ ومتعلقه.
ورابعها: لو حلف ليصلين أو يصومن عد ممتثلا بالمرة.
وفيه: قضاؤه بانتفاء التكرار، وهو أعم من ثبوت المرة، ولعل الاكتفاء بها من جهة اكتفاء الطبيعة التي تعلق بها الحكم بها في وجودها الخارجي لا من جهة ظهور الصيغة فيها، مع أنه لا ربط له بمحل البحث لكونه حكما في غير صيغة الأمر كما لا يخفى، وقياسها عليه باطل بما تقدم مرارا.
* والأول منع لما تضمنه الاستدلال من ظهور الأمر في المرة التي يكشف عنها حصول الامتثال بها.

(1) عمدة وجوه الفرق: أن الانشائية في المقيس عليه إنما نشأت عن وضع جديد شرعي، فلذا يعتبر فيها من الشرائط ما لا يعتبر في المقيس أصلا، ولعل اعتبار الوحدة فيها نشأ عن ذلك الوضع باعتبار الشارع وهو ليس من المتنازع فيه في شيء كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 203 204 205 206 208 209 212 ... » »»