تقليده بعد الموت وعدمه ولا في الثاني بين أن يكون قد قلده في حياته في المنع وعدمه لبطلان تقليده في تلك الواقعة قطعا أما في القسم الأول فلانه استصحب تقليده فيها بفتواه بالبقاء لزم توقف الشئ على نفسه أو بالاستصحاب فالعمل به في الاحكام وظيفة المجتهد دون المقلد كما حققناه في محله وأما في الثاني فلاستلزام صحته بطلانه فيتعين عليه تقليد الحي فيه فإن أجاز له البقاء على تقليده كما هو محل الفرض جاز له ذلك في غير تلك الواقعة من الوقائع المحتملة في الظاهر للبقاء وإن منع منه بطل في الجميع لا يقال حكم الحي بالبقاء على جميع فتاوى الميت حكم واحد لا يصلح للتفصيل وقضية مستنده أيضا ذلك فتقليده فيه يستلزم البقاء على ما قلده فيه من المنع من البقاء أيضا فإن التقليد على ما مر في الاحكام العامة لا في خصوص كل مورد من مواردها لأنا نقول إنما يصح حكم الحي بالبقاء بالنسبة إلى الاحكام التي يمكن في حقها البقاء إذ تعميمه الحكم إلى المورد الذي يمتنع فيه البقاء غير معقول فإن قلت تخصيص فتوى الحي بالبقاء في غير ما قلد الميت فيه من المنع من البقاء نظرا إلى لزوم التدافع فيه مع أن قضية كل من قوله ومستنده العموم ليس بأولى من تخصيص ما قلد فيه الميت من المنع من البقاء بغير ما قلده فيه من مسألة المنع وإن كان قضيته كل من قوله ومستنده العموم و حينئذ فيبقى تقليده له في هذه المسألة خاصة بتقليد الحي ببقائه و يبطل تقليد الميت فيها في عدم بقائه في ذلك للتدافع ويبطل في غيرها أيضا ببقاء تقليد الميت فيها في المنع قلت حكم الميت بالمنع من البقاء حكم واحد لا يختص ثبوته في نظره بغير مورد المنع من البقاء لعموم دليله وانتفاء المعارض في حقه بخلاف حكم الحي بالبقاء فإن دليله عليه بعد ملاحظة المعارض إنما يقتضي البقاء بالنسبة إلى المسائل التي يمكن في حقها البقاء ظاهرا وحيث قررنا أن مورد التقليد إنما هو الحكم الشرعي بقول مطلق دون خصوصية كل مورد بانفرادها فليس للحي القول ببقاء تقليده في المنع بالنسبة إلى غير المنع لاستلزامه تجويز الجميع بين تقليد مجتهدين مختلفين في حكم موضوع واحد بالنسبة إلى فردين من أفراده في زمان واحد وفساده واضح كما مر وأما استصحاب حكم ما وقع بالتقليد السابق على رجوع المفتي وشبهه فليس بتقليد لاحق ليلزم منه الجمع في التقليد بين حكمين متنافيين بل بتقليد سابق ولا يتوقف استصحاب حكم التقليد على بقائه و بالجملة فالوجه الثاني من السؤال تخصيص من المقلد ولو بفتوى المجتهد للعمل بقول المجتهد بالمنع مطلقا في مورد دون مورد و الأول تخصيص من المجتهد للأدلة الدالة على البقاء لا تخصيص من المقلد لفتواه الثانية بقول مطلق ببعض موارده فتثبت في المقام فإنه من مزال الاقدام وكذلك الحال في مسألة البقاء على تقليد المفتي الذي اعتراه زوال غير الحياة من الشرائط كالايمان والاجتهاد و العدالة والعقل والأفضلية بناء على تقديمه فإن وظيفة المقلد في ذلك تقليد الجامع للشرائط في البقاء وعدمه وإن قلد الفاقد قبل فقده في المنع ولو كان قد قلده في البقاء لم يكفه ذلك في الحكم بالبقاء لكونه دوريا بل يتعين عليه تقليد الجامع للشرائط فيه فلو أفتى له بالبقاء وقلده فيه فهل يبقى على تقليد الفاقد في مسألة البقاء أيضا أو يبطل تقليده فيها ويبقى على تقليده في غيرها من المسائل وجهان من عدم التنافي بين تقليد الجامع في البقاء على تقليد الفاقد في مسألة البقاء وبين تقليد الفاقد في البقاء على تقليده في غيرها ومن عدم جواز تقليد مفتيين في مسألة واحدة في زمن واحد ولو بحسب موردين وإن لم يتناف الحكمان وقد عرفت مما مر أن الثاني أقوى فصل المعروف من مذهب الأصحاب أن جاهل الحكم غير معذور إلا في المقامين في الجهر والاخفات وفي الاتمام في محل القصر وكلامهم هذا يحتمل وجوها الأول أن الجاهل وإن لم يكن مقصرا غير معذور بالنسبة إلى الحكم المجهول له تكليفيا كان أو وضعيا بمعنى أن جهله لا ينافي فعلية الحكم في حقه في غير المقامين وهذا على إطلاقه لا يتم على طريقة العدلية قطعا لظهور قبحه تكليف الغافل وشبهه عقلا مضافا إلى ما دل عليه من الكتاب والسنة فلا يصح تنزيل كلامهم عليه الثاني أن الجاهل بقسميه غير معذور بالنسبة إلى الحكم الوضعي بمعنى أن جهله لا يرفع الحكم الوضعي الثابت في حقه إلا في المقامين وهذا الوجه وإن أمكن صحته في نفسه إلا أن كلماتهم لا تساعد على إرادة التخصيص بالوضعي الثالث أن الجاهل المقصر غير معذور فيما يلزمه من الاحكام تكليفية كانت أو وضعية في غير المقامين وهذا أمتن من سابقه والوجه في إطلاقهم القول بعدم المعذورية وضوح أمر القيد مع مراعاة ما هو الغالب في المكلفين من التقصير في تعلم الاحكام فإنا نرى بالعيان أن أكثر الناس يعلمون بثبوت أحكام كثيرة في الشرع ويتسامحون في تعلمها ويعترفون بتقصيرهم في ذلك وربما يلتجئون في مقام الاعتذار بعدم مساعدة التوفيق إياهم أو بأنهم متشاغلون بإصلاح معيشتهم و نحو ذلك مع علمهم ببطلان معذريتهم إلى غير ذلك ولا ريب أن العلم الاجمالي بالتكليف مع التمكن من استعلام التفصيل كاف في ثبوته على المكلف عقلا ونقلا ولهذا صح قول أصحابنا بأن الكفار معاقبون على الفروع كما أنهم معاقبون على الأصول مع جهدهم بكثير من فروع الاحكام فإن علمهم الاجمالي بثبوت أحكام كثيرة في هذه الشريعة كاف في توجه التكاليف الثابتة فيها إليهم وإن جهلوا تفاصيلها مع تمكنهم من معرفتها هذا كله بحسب الأصل وأما عند قيام دليل على اشتراط ثبوت التكليف بالعلم التفصيلي فلا إشكال في دورانه
(٤٢٧)