أو اقتصر على استعمال أحدهما لبادروا إلى ذمه وتسفيهه قطعا و المحافظة على ما يتعلق بالحياة الأخروية أولى لا يقال إنما يتم ذلك في محل البحث إذا ثبت التكليف بالفعل على التعيين حال الاشتباه و هو ممنوع حيث لا قطع به لأنا نقول قد نبهنا على ما يدل على بقائه حينئذ وهو إطلاق الامر مضافا إلى الاستصحاب حيث تطرق الاشتباه بعد الوجوب فلا سبيل إلى منعه هذا وخالف في ذلك بعض المعاصرين فأنكر بقاء المعين على وجوبه مع الاشتباه زعما منه أن ذلك يؤدي إلى التكليف بالمجمل مع تأخير البيان عن وقت الحاجة و قد اتفقت كلمة العدلية على استحالته ثم قال نعم لو قام دليل على وجوب شئ معين في الواقع مردد عندنا بين أمور من دون اشتراط بالعلم به ثم القول بوجوب الاتيان بالجميع واستلزام ذلك سقوط قصد التعيين في الطاعة لكن ذلك مجرد فرض غير واقع ولا يخفى ما فيه فإن المجمل الذي اتفقت مقالة العدلية على قبح التكليف به من دون بيان هو ما لا سبيل للمكلف إلى امتثاله كما نبهنا عليه في محله بدليل أن جل المحققين أو كلهم وهم أساطين العدلية يلتزمون ببقاء التكليف في نظائر المقام مما يشتبه فيه الواجب أو الحرام بغير الاخر ويوجبون على المكلف الاتيان بالافراد المشتبه أو تركها تحصيلا للعلم بالبراءة بل حكمهم بالتخيير فيما تعارض فيه الأدلة ناظر إلى بقاء التكليف وأن التخيير طريق كما هو الظاهر من الأخبار الدالة عليه غاية الامر أنه إذا لم يصادف مختاره الواقع سقط عنه لمعذوريته وذهب كثير من القائلين بأن ألفاظ العبادات أسام للصحيحة إلى أن مسمياتها أمور مجملة ولذلك أوجبوا الاتيان بما يشك فيه من أجزائها وشرائطها تحصيلا لليقين بالبراءة إلى غير ذلك وأما ما استدركه بقوله نعم فلا يخفى منافاته لكلامه السابق فإن حكمهم بالاستحالة إنما هو من جهة لزوم التكليف بالمحال كما صرحوا به في محله وامتناعه ضروري لا يمكن قيام دليل على وقوعه و ليس لاشتراط قصد التعيين في الطاعة كما يظهر من بيانه الاشتراط لان هذا مما لا يقول به إلا البعض كما حكاه الفاضل المذكور عن الشهيد وهم مطبقون على إحالة التكليف بالمجمل بدون البيان فكيف يبتني مسألة وفاقية على مسألة خلافية مع أن اشتراط قصد التعيين من المسائل الظنية كما اعترف به في ظاهر كلامه وهم في تلك المسألة قاطعون بالاستحالة فكيف يبتني حكم قطعي على حكم ظني على أن التكليف لا يستلزم اشتراط وقوع ما كلف به بقصد التعيين لأنه أعم من الواجب المشروط بالنية والذي لا يشترط بها ومن الحرام فكيف يتم القول بالاستحالة مطلقا مع أن إطلاق الامر كما قررناه دليل في جميع موارد المقام على ما ذكره في الاستدلال فكيف جعل قيامه عليه مجرد فرض غير واقع وإن أراد قيام دليل عليه بالخصوص فاشتراط ثبوت المدعى به ممنوع ثم أقول إن أراد بقصد التعيين في الطاعة أن يعين في قصده أن ما يأتي به طاعة كما هو الظاهر فهذا حاصل في الجميع للعلم بمطلوبية الكل ولو من باب المقدمة نعم لو منع من مطلوبية المقدمة اتجه ما ذكره من انتفاء قصد التعيين وربما يتسرى ذلك إلى الصورة التي سلم فيها وجوب الجميع أيضا لابتنائه على وجوب المقدمة لكنه تصحيح أمر على تقدير فاسد ومع ذلك لا يتم في غير ما لا يعتبر فيه النية بل وفيه أيضا بناء على ما ذكره في مبحث المقدمة من استحبابها من باب التسامح في أدلة السنن وإن أريد تعيين كونه طاعة نفسية أو غيرية فاشتراط صحة العبادة به مع التمكن ممنوع فضلا عن صورة التعذر كما في محل البحث ثم إن الفاضل المذكور قد التزم في الموارد التي ورد فيها الامر بإتيان جملة يشتبه فيها الواجب بغيره بأن الجميع هناك واجب مستقل لا أن ما وجب منها قبل الاشتباه باق على وجوبه السابق وأن ما عداه واجب لتحصيله ولا يخفى ما فيه من التعسف الواضح هذا ومن فروع المسألة ما لو اشتبهت جهة القبلة بغيرها أو اشتبه الثوب الطاهر بالمتنجس الغير المعفو عنه فيجب على ما حققنا تكرير الصلاة في الجهات والأثواب حتى يحصل العلم بأصالة جهة القبلة والثوب الطاهر وكذا لو اشتبه الماء المطلق بالمضاف فيجب تكرير الطهارة بكل منهما وكذا إذا علم بوقوع حدث منه و شك في كونه موجبا للوضوء أو الغسل وجب عليه أن يأتي بهما إلى غير ذلك ولو تمكن من تعيين الواجب وجب التعيين من حيث يعتبر نية القربة في الواجب ويكون الاشتباه بينه وبين غير الراجح كما في الأمثلة المذكورة وقد نبهنا على الوجه فيه عند بحث المقدمة وإلا لم يجب بل تخيير بين التعيين وبين الاتيان بالجميع كما لو اشتبه المطلق بالمضاف في الطهارة الخبيثة وكذا لو اشتبه الديان بغيره أو اشتبهت عين النجاسة التي في المسجد بما يجوز إخراجه منه إلى غير ذلك ولو تشارك الواجب وغيره في الصورة أتي بفعل واحد عما في الذمة إن لم يعتبر تعيين نوع الواجب في الامتثال به كما لو فاتته صلاة واشتبهت بين الخمس بأن فاتته في الحضر صلى ثنائية و ثلاثية ورباعية عما في الذمة مرددة بين الأربع وذلك لما يستفاد من بعض النصوص صريحا أو فحوى من سقوط نية التعيين والجهر و الاخفات في ذلك وإن كان الأحوط في الثاني تعيين الجهر ولو اعتبر نية التعيين وجب التكرير كما لو صلى بعد الفجر بركعتين ثم شك في أنه هل صلاهما فريضة أو نافلة منذورة فيجب تكريرهما في وجه قوي ويحتمل الاكتفاء بركعتين عما في الذمة ومما قررنا يتضح أنه لو كان في ذمة المكلف واجب ومندوب وأتي بأحدهما ثم شك في أن المأتي به هل هو الواجب أو المندوب وجب عليه الاتيان بالواجب واستحب له الاتيان بالمندوب تحصيلا للعلم بفعلهما نعم لو اشتركا في الصورة ولم يعتبر تعيين العمل جاز الاتيان بهما عما في الذمة ولو حصل هذا الاشتباه بين الواجب وبين غير المندوب أو بينهما وبين المندوب وجب
(٣٥٨)