اليهود ورد الإمام عليه السلام على من زعم ذلك بأنه تعالى كيف يأمرنا بمسألتهم مع أنهم لو سئلوا لأمروا بالأخذ بشريعتهم فيبطل التفسير المذكور قلت الظاهر أن الزاعم المذكور زعم وجوب مسألتهم مطلقا أو في حقيقته هذه الشريعة كما يظهر من الرد المذكور و إلا فهو بحسب الظاهر لا يتم بناء على تخصيص المسألة بما ذكرناه سلمناه لكن أهل الذكر في الرواية المذكورة وغيرها من روايات أهل الذكر مفسر بأهل البيت عليهم السلام وعلل ذلك في بعضها بأن الله تعالى قد سمى نبيه صلى الله عليه وآله ذكرا في قوله إنا أرسلنا إليكم ذكرا رسولا فأهل الذكر هم أهل الرسول والتحقيق [ الانصاف] أن مساق الآية لا يأبى عن الحمل على ذلك كما لا يخفى و كيف كان فلا بد من تنزيلها عليه لصراحة تلك الأخبار فيه فيختص أهل الذكر بالأئمة فلا يتناول غيرهم من المحدثين والمجتهدين فلا يتم الاحتجاج بالآية أيضا اللهم إلا أن ينزل الاخبار على بيان الفرد الكامل من أهل الذكر دون التخصيص ولا يخلو من بعد الخامس الاجماع فإنا نستكشف باتفاق القائلين لجواز العمل بخبر الواحد عن قول المعصوم به ولو بمساعدة أمارات خارجية ولا يقدح مخالفة جماعة فيه إذ المدار في الاجماع عندنا على انعقاد الاتفاق الكاشف لا على اتفاق الكل كما مر تحقيقه في محله وأما الاجماع الذي حكاه الشيخ على حجية خبر الواحد فهو لا يخرج عن كونه خبرا واحد فالتمسك به على حجيته دور ظاهر السادس السيرة القطعية المستمرة بين المسلمين فإن طريقة السلف والخلف ما عدا النادر منهم جارية على نقل الأحاديث المروية بطريق الآحاد وتدوينها والعمل بها و قد استمر ذلك من لدن زمن الرسول وزمن ظهور الأئمة إلى يومنا هذا فإن كثرة المكلفين مع تباعد بلادهم ومنازلهم وكثرة ما يحتاجون إليه من الاحكام مما تأبى عادة من تمكنهم من تحصيلها بطرق السماع عن المعصوم عليه السلام أو الاقتصار فيها على الأخبار المتواترة أو المحفوف بقرائن الصدق كما يشهد به مقايسة حالهم بالمقلدين في زماننا في مراجعتهم إلى أقوال المجتهدين مع تعددهم و بالجملة فتعويلهم على أخبار الآحاد بعد التأمل فيما ذكر أمر ضروري لا يكاد يعتريه وصمة الشك والارتياب و ذلك يكشف عن قول المعصوم به أو تقريره إياهم عليه كشفا ضروريا بل إذا حققت النظر وجدت الطريقة في سائر الشرائع جارية على ذلك إذ ما من ذي ملة أو طريقة إلا وله في ملته وطريقته أحكام لا يعرف كلها أو جلها إلا بواسطة أخبار لا يبلغ عنده درجة التواتر ولا معها قرائن تفيده القطع في صحة النقل ومن هنا يتبين أنه لو ادعيت الضرورة على حجية خبر الواحد كان متجها واعلم أن الفرق بين الاجماع والضرورة والسيرة بعد اشتراك الجميع في الكشف القطعي عن قول المعصوم هو أن الكشف في الأول بآراء العلماء ظنية كانت أو علمية نظرية ولو غالبا وفي الثاني بقطع العلماء والعوام بطريق الضرورة ولو غالبا ولو اختصت الضرورة بالعلماء عد من ضرورياتهم خاصة وفي الثالث بعمل الذين يحصل الاستكشاف بعلمهم السابع ولا ريب في أنا مكلفون بطاعة العترة الطاهرين والتمسك بهم في معرفة أحكام الدين كما يدل عليه قوله يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم وقوله عليه السلام في حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين المشتمل على الامر بالتمسك بالعترة المصطفين وغيره من الاخبار والآثار و التمسك بهم والطاعة لهم إنما يصدقان باتباع أقوالهم بمعناها منهم مشافهة أو نقلت لنا بطريق التواتر أو الآحاد المحفوفة بقرائن الصدق أو ما ثبت بالسمع قيامه مقام ما ذكر ومع تعذر ذلك كله و بقاء التكليف بها كما هو معلوم بالضرورة يتعين التعويل على الظن المستند إلى نقل الآحاد لان التمسك والطاعة في كل من حالتي التمكن من تحصيل العلم وعدمه بحسبهما فكما يصدقان عند التمكن من العلم بالأخذ بقولهم المعلوم بأحد الطرق المذكورة كذلك يصدقان عند تعذره على الاخذ بقولهم المنقول بطريق ظني وإنما خصصنا الطريق بنقل الآحاد دون سائر الظنون لعدم صدق الطاعة و التمسك عرفا معها هذا غاية التوجيه في الدليل المذكور فلو تم لدل على حجية الظنون المستندة إلى أخبار الآحاد دون مطلق الظن لكنه ضعيف إذ لا نسلم عدم صدق التمسك والطاعة بالتعويل على أقوالهم المستفادة بسائر الطرق الظنية وإنكاره غير مسموع وما أشبه هذه المقالة بمقالة من يدعي عدم حجية قطعيات العقل بدون معاضدة السمع لعدم صدق الطاعة والعصيان بدونه و سننبه على فساده في محله نعم لو ثبت أن خبر الواحد طريق معتبر شرعا في معرفة أقوالهم عليهم السلام ولو بعد انسداد باب العلم تم ما ذكر لكن المقصود إثبات كونه طريقا شرعيا بذلك وهل هذا إلا دور الثامن الدليل المعروف بدليل انسداد باب العلم ويمكن تقريره بوجهين الأول وهو المعتمد وإن لم يسبقني إليه أحد وهو أنا كما نقطع بأنا مكلفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع أو بطريق معين يقطع من السمع بحكم الشارع على قيامه أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذره كذلك نقطع بأن الشارع قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقا مخصوصة وكلفنا تكليفا فعليا بالرجوع إليها في معرفتها ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد وهو القطع بأنا مكلفون تكليفا فعليا بالعمل بمؤدى طرق مخصوصة وحيث إنه لا سبيل لنا غالبا إلى تحصيلها بالقطع ولا بطريق يقطع من السمع بقيامه بالخصوص أو قيام طريقه كذلك مقام القطع ولو بعد تعذره فلا ريب أن الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنما هو الرجوع في تعيين الطرق إلى الظن الفعلي الذي لا دليل على عدم حجيته لأنه أقرب إلى العلم وإلى إصابة الواقع مما عداه و إنما اعتبرنا في الظن أن لا يقوم دليل معه على عدم جواز الرجوع إليه حينئذ لان الحكم بالجواز هنا ظاهري فيمتنع ثبوته مع
(٢٧٧)