الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٢٠٥
بسيط منتزع من الذات بواسطة قيام المبدأ بها كما يراه بعض المحققين فإنه لا يتصور حينئذ تعدد الوضع وأما على القول بأنها موضوعة بإزاء معنى ملتئم عن عدة أمور يجمعها قولنا ذات أو شئ له المبدأ كما هو المعروف بين القوم وعلماء العربية فلما نبهنا عليه سابقا في أول الكتاب وكذا لو قيل بتعدد الوضع والتزم بأن الهيئة الموضوعة ليست مطلق الهيئة بل الهيئات الخاصة الملحوظة إجمالا بواسطة ملاحظة الهيئة الكلية لانحلال الوضع حينئذ إلى أوضاع متعددة على حسب تعدد الموضوعات فيكون الوضع حينئذ بالقياس إلى كل موضوع عاما لما لوحظ في وضعه من الامر العام ولو بطريق الاجمال ويكون الموضوع له أيضا عاما لوضعه بإزائه ويضعفه مضافا إلى ما مر عدم قيام شاهد على اعتبار الواضع لخصوصية الهيئات إلا أن يقال إنه لازم لوضعها للذات المقيدة بمدلول ما طرأت عليه وهو ممنوع وإلا لكان وضع الحروف بأسرها كذلك ولا يتوهم أن الموضوع له على هذه التقادير خاص لما لاحظ الواضع في الوضع أمرا كليا ووضع المشتقات الخاصة أو الهيئات الخاصة بإزاء خصوصياته إذ يعتبر في ذلك وحدة الموضوع والفرض هنا تعدده فإن قلت على تقدير أن يكون مدلول المشتق ذات أو شئ له المبدأ أو من قام به المبدأ يتضمن المشتق نسبة تقييدية مفادها ربط الذات بالمبدأ ضرورة أن معناه ليس مجرد ذات ومبدأ وحينئذ فيلزم أن يكون الوضع عاما والموضوع له خاصا على حد غيره من الألفاظ المتضمنة لمعاني الحروف كالأفعال وأسماء الإشارة فلا يصح الحكم بعموم الموضوع له قلت أخذ المعنى الحرفي في مدلول اللفظ إنما يقتضي صيرورة الموضوع له خاصا إذا أوجب تعددا في معنى اللفظ كما في أسماء الإشارة ونظائرها وأما إذا لم يوجب ذلك بل بقي المعنى على وحدته فلا وينبغي أن ينزل ما قررناه في ذلك سابقا على ما حققناه هنا واعلم أن الموضوع في المشتق إن كان الهيئة الكلية فالوضع شخصي وكذا لو قلنا بأن الموضوع كل صيغة خاصة أو هيئة خاصة والتزمنا بأن الواضع لاحظهما في وضعه تفصيلا لكنه بعيد ولو قلنا بأنه لاحظهما وتوصل بملاحظتهما إلى وضع جزئياتهما فالوضع نوعي وهذا ظاهر ثم قال و قد يكون الوضع عاما والموضوع له خاصا وعد منها المبهمات كأسماء الإشارة والموصولات وقد اتضح وجهه مما مر قال ومن هذا القبيل وضع الحروف فإنها موضوعة باعتبار معنى عام وهو نوع من النسبة لكل واحدة من خصوصياته وهذا البيان صالح للحمل على ما حققناه سابقا في الحروف من أنها موضوعة لمعانيها الملحوظ بها حال متعلقاتها الخاصة فإن ذلك يستلزم أن يكون الوضع بإزاء خصوصيات مصاديق معانيها قال وفي معناها الافعال الناقصة وهذا إنما يتم بالنسبة إلى كان وما كان في معناها بناء على ما يراه المنطقيون من أنها موضوعة للربط الزماني وأما على ما يظهر من النحاة من أنها تستقل بالدلالة على معناها الحدثي بدليل عدهم إياها من باب الفعل وتعريفهم له بما دل على معنى في نفسه مع أن الفعل على ما هو التحقيق لا يستقل بالدلالة على غير الحدث فحكمها حكم بقية الافعال نعم عدها بعضهم من الافعال المنسلخة عن الحدث فيرجع محصله إلى الوجه الأول ويمكن تنزيل كلام الآخرين عليه ثم على الوجه الأول ينتقض عموم ما ذكره في المشتقات من أنها موضوعة بالوضع العام لمعان عامة إذ لا بد حينئذ من تخصيصها بغير المأخوذ من المصادر الناقصة قال وأما الافعال التامة فوضعها باعتبار النسبة عام والموضوع له خاص ولم يصرح بالثاني تعويلا على ظهوره من مساق كلامه ومن حيث الحدث خاص وأحال الامر فيه إلى الوضوح وهذا سهو من قلمه والصواب أن يقول كل من الوضع و الموضوع له فيها بهذا الاعتبار عام وهذا ظاهر ويمكن التعسف بتنزيله على أن وضع الافعال باعتبار النسبة الخاصة أي النسبة الاسنادية أي باعتبار ما يدل عليها وهي هيئاتها الكلية عام وذلك بملاحظة الواضع في وضعها مفهوم النسبة الاسنادية ومن حيث الحدث يعنى ما وضع بإزائه الهيئة من حيث اعتباره لخصوصية الحدث فيه خاص لوضعه إياها بإزاء النسب الخاصة بكل حدث طرأت على ما يدل عليه وهي المادة وإن كان له خصوصية أخرى أيضا باعتبار خصوصية ما يسند إليه الحدث ولا يخفى بعده عن [سياق] مساق عبارته ثم قال إذا تمهد هذا قلنا أدوات الاستثناء كلها موضوعة بالوضع العام لخصوصيات الاخراج هذا تصريح بما ظهر من كلامه أولا و سيأتي ما يؤكده فما يرى في بعض عبائره مما يدل بظاهره على خلاف ذلك فلا بد من تنزيله على ذلك كما هو قاعدة الجمع وسنشير إليه قال أما الحروف فظاهر وأما الفعل فلان الاخراج به إنما هو باعتبار النسبة وقد علمت أن الوضع بالإضافة إليها عام يريد به العموم الخاص أعني ما يكون الموضوع له فيه خاصا لينطبق دليله على دعواه وفيه نظر لأنا لا نسلم أن الاخراج باعتبار النسبة فقط بل باعتبار المادة والنسبة معا ضرورة أن النسبة بمجردها لا يقتضي الاخراج فالوجه أن يقال أفعال الاستثناء موضوعة بالوضع العام لخصوصيات الاخراج أما على تقدير اتحاد الوضع فيها بحسب المادة و الهيئة كما هو الظاهر لا سيما في الافعال الغير المتصرفة فواضح وأما على تقدير التعدد فلان ذلك لازم مقتضى الوضعين إذ انضمام وضع الهيئة إلى المادة يوجب اختصاص المادة بكل إخراج خاص و إن كانت المادة في نفسها موضوعة لمطلق الاخراج كما في ليس أو لمطلق ما هو معتبر في تحقق الاخراج كما في لا يكون هذا إذا التزمنا بأن هيئات هذه الأفعال موضوعة للنسبة إلى منصوباتها أعني المستثنى أيضا وإلا فالكلام المذكور يجري بالنسبة إلى هيئاتها الناشئة من التركيب قال وأما الاسم يريد به مثل غير فلانه من قبيل المشتق قيل يعني به المغاير والوضع فيه عام كما عرفت وهذا
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»