الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٢٠٤
استعماله في كل فرد من الاخراج على الحقيقة اللهم إلا أن يراد بالفرد أحد تلك الأنواع أو يعتبر استعماله فيه لا من حيث الخصوصية و يمكن أن يتعسف بحمل الاشتراك المعنوي في كلامه على ما يكون الوضع فيه عاما وإن كان الموضوع له خاصا ويكون قوله موضوع لمطلق الاخراج بمعنى كونه موضوعا لخصوصيات مطلق الاخراج أو لمطلق خصوصيات الاخراج على تقدير مضاف أي لجميع تلك الخصوصيات فيكون في مقابلة القول بأنه لبعضها وربما يرشد إلى ذلك ما ذكره في بيان الفرق بين مختار صاحب المعالم ومختاره من أنه يقول بأن الواضع تصور معنى الاخراج عن متعدد بعنوان العموم ووضع أدوات الاستثناء لكل واحد من خصوصيات أفراده فيشمل العام المتصور ما صدق على الاخراج عن المتعدد الواحد والمتعدد عن البدل وعن المتعدد المؤول بالواحد وعن متعدد واحد من المتعددات مثل الأخيرة فقط وكذلك الخصوصيات الموضوعة بإزائها تحتمل خصوصيات جميع هذه المفاهيم هذا كلامه فتدبر الرابع ما ذهب إليه المعاصر المذكور وهو أن أدوات الاستثناء موضوعة بالوضع العام لخصوصيات الاخراج عن متعدد واحد أي مدلول واحد مشتمل على عدة أجزاء أو جزئيات وجعل إرجاعها إلى متعدد متعدد مجازا لتنزيله منزلة متعدد واحد كهذه الافعال والجماعات فتحصل مما ذكرنا أن أقوالهم في المسألة تنتهي إلى ثمانية وهل النزاع في ذلك باعتبار الوضع أو الظهور وجهان والأظهر وقوع النزاع بالاعتبارين كما يستفاد من أقوالهم وحججهم هذا والتحقيق عندي أن أداة الاستثناء موضوعة بالوضع العام لخصوصيات أفراد الاخراج مطلقا من غير فرق بين أن يكون المستثنى منه واحدا أو متعددا ولا حاجة على الثاني إلى تأويل أو تنزيل نعم يعتبر صلوح المستثنى لذلك لفظا وهذا راجع إلى ما اختاره في المعالم على ما توجه كلامه به وأما من حيث الظهور الناشئ من ملاحظة عموم ما عدا الأخيرة فالحق اختصاصه بالعود إلى الأخيرة لنا أن المتبادر من أداة الاستثناء إنما هو إخراج ما بعدها عما قبلها واحدا كان أو أكثر فإنا إذا راجعنا وجداننا وقطعنا النظر عن القرائن وجدنا نسبة عود الاستثناء المتعقب للمتعدد إلى كل واحد كنسبة عوده إلى الأخيرة بحيث يتبادر كل واحد منهما من غير فرق و ذلك آية كونه موضوعا بالوضع العام لكل واحد من تلك الخصوصيات ولهذا إذا سمعنا قول القائل أكرم العلماء وأعط الفقراء وجالس الشعراء والظرفاء إلا الفساق منهم أو إلا الفاسق منهم إذا لم يكن عهدا وإلا زيدا إذا اجتمعت فيه تلك الصفات ترددنا أولا في عوده إلى الجميع وإلى البعض وإن رجحنا عوده إلى الأخيرة نظرا إلى الشواهد الخارجية كقربها وأصالة بقاء ما عداها على العموم و أيضا كلمة إلا وما بحكمها تقوم مقام جملة استثنى فإذا جاز عود قولنا فيما مر استثنى منهم الفساق أو الفاسق أو زيدا إلى الجميع وإلى الأخيرة من غير تجوز جاز ذلك فيما هو بمنزلته نعم يعتبر صلوح المستثنى لذلك كأن لا يكون نكرة فإنها لا تصلح لان يراد بها فردان كما لو قيل فيما مر إلا رجلا إذا كانت الافراد متخالفة و كذلك الافعال الناقصة كليس ولا يكون بناء على أن معانيها معان حرفية وإلا فهي في حكم الحروف من حيث تضمنها للنسبة ولو باعتبار النسبة التركيبية وكذلك أسماء الاستثناء فإنها متضمنة للنسبة الإضافية ولهذا كانت لازمة الإضافة وسيأتي توضيح ذلك و اعلم أن الاستثناء المتعلق بالجمل وما في حكمها قد يتعلق بها من حيث المجموع كما إذا كان المستثنى جمعا معرفا أو ما في معناه و اختلفت أفراده المندرجة فيها كما لو قال أكرم العلماء وأكرم التجار إلا الفساق وكان فساق أحدهما غير فساق الاخر كلا أو بعضا و كذا لو قال إلا عشرة منهم وفسرها بخمسة من الأول وخمسة من الثاني وقد يتعلق بالجميع باعتبار كل واحد على سبيل الشمول كما لو قال في المثال المذكور إلا الفاسق أو اتحد فساق أحدهما وفساق الاخر وقد يتعلق بالجميع على سبيل البدلية كما لو قال في المثال إلا زيدا من العلماء أو عمرا من التجار ولك أن تجعل المستثنى أحد الشخصين من المجموع فيرجع إلى أحد القسمين الأولين أو تقدر الأداة بعد أو فيكون من الاستثناء من الواحد وفيهما تعسف والأوضح تثليث الأقسام وجعل الاعتبارات الثلاثة خارجة عن مدلول الاستثناء مستفادة من أمر خارج كوحدة المستثنى وتعدده ثم إن صاحب المعالم أورد في تقريب مرامه مقدمة ثم فرع مذهبه عليها ونحن نذكر كلامه ملخصا مع تنبه على مواضع الاخلال وتوضيح لمواقع الاجمال فنقول محصل كلامه في المقدمة أن الوضع أعني المعنى الملحوظ في الوضع بنفسه و الموضوع له أعني المعنى الذي عين اللفظ بإزائه قد يكونان عامين و عد منه المشتقات ويشكل هذا على ما هو المعروف بينهم من أن المشتق مشتمل على مادة موضوعة للحدث وهيئة موضوعة للدلالة على الذات المتصفة بمدلول المبدأ الذي طرأت عليه فإن وضع الهيئة حينئذ عام والموضوع له خاص لما لوحظ في وضعها مفهوم الذات المتصفة بمدلول المبدأ ووضعت بإزاء خصوصياتها ولا ينافي ذلك كونه كليا لان المراد بالخاص هنا الجزئي الإضافي بقرينة كونه مأخوذا بالقياس إلى الوضع العام فيتناول الجزئي الحقيقي كما في أسماء الإشارة والكلي الأخص كما في الموصولات فإنها موضوعة بالوضع العام لخصوص ما تعين منه بالصلة من الشئ أو المذكر العاقل أو غير ذلك فلوحظ مطلق الشئ أو المذكر العاقل مثلا ووضع الموصول بإزاء خصوصيات ما تقيد منه بالصلة وكذلك المشتق نعم يتجه دعوى عموم الوضع والموضوع له على ما نراه من أنها وضعت بوضع واحد بإزاء معانيها وأنه لا تعدد في وضع المادة و الهيئة أما على القول بأنها موضوعة بإزاء
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»