لا يصلح للرجوع إلى غيرها وبعد تعيين إرادة المعنى الأصلي يصلح لذلك لكن لا حاجة إلى اعتبار الاشتراك في الصلاحية وأنت خبير بأن هذا الاعتراض مما لا ورود له عليه على ما وجهنا به كلامه ووجهه ظاهر مع أن ما ذكره من منع الصلاحية أولا على توجيهه ممنوع إذ يكفي فيها صلوحه لإرادة المعنى الغير العلمي منه فإن المراد بالصلاحية هنا الصلاحية من حيث اللفظ لا من حيث المعنى المراد و إلا لانتفت عند عدم إرادة الاخراج من غير الأخيرة أيضا فيتوقف ثبوتها على دليل يدل على تعلق الاخراج بالجميع فيخرج عن محل الفرض فتأمل ثم قال ولئن مثل بنحو أكرم بني تميم وأضف بني خالد واخلع بني أسد إلا الزيدين مع فرض وجود شخص مسمى بزيد في كل واحد من الطوائف ووجود شخص مسمى بزيدين في بني أسد كان أقرب من المثال المذكور لكنه أيضا خارج عن المبحث للزوم إرادة كل واحد من العمومات على الاجتماع لا على البدل ولأن الظاهر من اعتبارهم صلوح المستثنى للجميع وللأخيرة صلوحه لهما باعتبار المعنى المستعمل فيه لا باعتبار مجرد لفظه انتهى ملخصا ووجه أقربية هذا المثال أنه لا يلزم فيه عدم الحاجة إلى اعتبار الاشتراك في الصلاحية كيف وصلوحه للأخيرة خاصة باعتبار معنى وللجميع باعتبار معنى آخر بخلاف المثال المتقدم فإنه باعتبار معناه الجنسي صالح للرجوع إلى الأخير خاصة وإلى الجميع ثم قال صاحب المعالم وقد اتضح بهذا يعني بما بينه في تحقيق وضع أداة الاستثناء بطلان القول بالاشتراك مطلقا أي سواء جعل الاشتراك باعتبار الأداة أو الهيئة كما يظهر من ذيل كلامه وتوهم بعض الناظرين في كلامه أن الاطلاق قيد لمدخول البطلان فيكون رفعا للايجاب الكلي بقرينة قوله غالبا في التعليل الآتي لا سلبا كليا ولا يخفى ضعفه لمنافاته لما ذكره سابقا من أن أدوات الاستثناء كلها موضوعة بالوضع العام لخصوصيات الاخراج وليس في قوله غالبا دلالة عليه والظاهر أنه نزل العبارة على الوجه الآتي وسيأتي ما فيه قال فإنه لا تعدد في وضع المفردات غالبا يعني أن الغالب في جواهر الألفاظ أن لا يكون مشتركة فيكون وقوع الاشتراك فيها مرجوحا لا يصار إليه إلا لدليل ولا دليل على كون الهيئة التركيبية موضوعة وضعا متعددا لكل من الامرين أن الأداة ليست موضوعة للاخراج والهيئة لإفادة تعلقه بكل من الامرين على سبيل الاشتراك لعدم دليل عليه وقد مر منا بيان الدليل على امتناعه في البعض واعترض عليه المعاصر المذكور بأن القائل بالاشتراك إنما يقول بعدم تعيين الرجوع إلى الجميع وإلى الأخيرة لعدم علمه بالمعنى المراد بالاستثناء لا لعدم علمه بالمعنى المراد من المستثنى وبينهما بون بعيد وهذا كما ترى مبني على إرجاع الإشارة في قوله فقد اتضح بهذا إلى ما ذكره أخيرا في وجه صلوح المستثنى وضعفه ظاهر بل التحقيق أنه راجع إلى ما ذكره أولا في تحقيق وضع أدوات الاستثناء وإنما تعرض لصلوح المستثنى في البين استطرادا وتبعا ثم اعترض على أصل مذهبه بأنا نمنع كون العام المتصور حين الوضع شاملا للصورة المذكورة ودعوى تحقق الوضع لافراد مطلق الاخراج أول الكلام ثم أورد على نفسه سؤالا وهو أن الوضع إنما هو لافراد الاخراج عن المتعدد وهو مطلق ولا تقييد فيه و ما ذكرته من اعتبار الوحدة خلاف الأصل ولا دليل عليه والوضع للماهية يستلزم جواز استعماله في كل الافراد حقيقة وأجاب بما حاصله أن الواضع إنما وضع حال الوحدة لا بشرط الوحدة حتى يتجه نفيه بالأصل حيث لا دليل عليه قال فالاطلاق أيضا قيد يحتاج إلى الدليل فما ذكرناه معنى دقيق لا مطلق ولا مقيد بشرط الوحدة ولا بشرط عدمها فالتكلان على التوظيف والتوقيف مع أنا ندعي التبادر و هو دليل الحقيقة فيما ذكرناه انتهى وجوابه أنا قد بينا عموم الوضع بموجب التبادر فلا يصغى إلى المنع المذكور وأما السؤال الذي أورده على نفسه ففاسد من وجهين أما أولا فلان التمسك بأصالة عدم اعتبار القيد في الوضع على إثبات عمومه ليس بشئ لأنه مدفوع بأصالة عدم تحقق الوضع في غير المقيد لظهور أن كلا منهما حادث مسبوق بالعدم فيتساقطان نعم يمكن أن يتمسك عليه بظاهر الاستعمال ويخرج ذلك الأصل تأييدا له كما سبق تحقيق القول فيه وأما ثانيا فلان قوله والوضع للماهية يستلزم جواز استعماله في كل الافراد حقيقة بظاهره خارج عن محل البحث لما تقرر في كلام المستدل و المعترض مع أن الموضوع له نفس الافراد والخصوصيات دون الماهية وأما ما أجاب به عن السؤال المذكور ففيه دلالة على أنه يزعم أن عود الاستثناء إلى الجميع يوجب استعمال الاستثناء في أكثر من معنى واحد وقريب من ذلك احتجاجه على ما ذهب إليه حيث تمسك بأن كلا من الاستثناء والمستثنى موضوع بوضع وحداني على سائر الحقائق والمجازات فلا يجوز إرادة فردين من الاخراج ولو على البدلية ولا بالنكرة المفردة فردين من الماهية ولو على البدلية فلو فرض إرادة الارجاع إلى أكثر من جملة فلا بد من إرادة معنى متحد منتزع من الجمل السابقة كهذه الافعال والجماعات ليرجع إليه وهو مجاز لا يصار إليه إلا بدليل وقد سبق منه في تحرير محل النزاع ما يؤكد ذلك ولا يخفى ما فيه لان من يقول بعوده إلى الجميع لا يقول بأنه مستعمل في معنيين أعني إخراجين مثلا ولو على البدلية بل في معنى واحد وهو إخراج متعلق بالجميع كما سبق أ لا ترى أنك إذا ذكرت جملا ثم قلت أستثني منها أو من بعضها كذا لم يكن لفظ أستثني مستعملا على التقديرين إلا في معنى واحد وهو الاخراج وإن اختلف متعلقه كلا أو بعضا فكذلك أداة الاستثناء عند أهل هذا المذهب مستعمل على التقديرين في معنى واحد وإن تعدد متعلقه على أحد التقديرين فإن ذلك لا ينافي اتحاد المعنى ثم ما ذكره من أن الاطلاق قيد يحتاج إلى دليل إنما يتم حيث يشك في أن الأداة هل هي موضوعة للاخراج مطلقا أو مقيدا بالوحدة فإن الثابت حينئذ أمر مردد بين الامرين لا يصار إلى
(٢٠٧)