الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ٢٠٣
نفسه معنى ربطي فلا حاجة في ربطه بمعنى إلى ربط آخر بل لا يمكن اعتباره فيه ما لم يخرج عن كونه معنى ربطيا فيخرج عن كونه معنى حرفيا وإن أراد أن المجموع المركب من المستثنى والاستثناء و الجمل حيث يعود إليها موضوع بوضع تركيبي بإزاء المخصص منها أو الجملة الأخيرة حيث يعود إليها للمخصص منها اتجه ما ادعاه من لزوم التوقف على القولين وناسبه جعله نظيرا للعام المخصص بالمجمل لأنه حينئذ من قبيل اللفظ المشترك بين العموم والخصوص إلا أن هذا لا يتم إلا على ظاهر مذهب القاضي وهو مردود عند غيره كما عرفت ولا وجه لتنزيل النزاع المعروف في المقام على هذا القول النادر وأما الثاني فلما عرفت من أنه على ما اعترف به إنما استفاد ذلك من أقوالهم وأدلتهم وهي كما ترى لا إشعار فيها بذلك أصلا نعم ذكر صاحب المعالم في نفي القول بالاشتراك ما لفظه و لا تعدد في وضع المفردات غالبا ولا دليل على كون الهيئة التركيبية موضوعة وضعا متعددا فيدل على أن النزاع ربما يتأتى باعتبار الهيئة أيضا وظاهر أنه لا يثبت بمجرد ذلك ما ادعاه من أن نزاعهم هنا باعتبار الهيئة وأما ثانيا فلان ما ألزم به القائل بالاشتراك و التوقف من عدم حمل ما عدا الأخيرة على العموم نظرا إلى أن عدم التخصيص لا يستلزم البقاء على العموم غير سديد لان المخصص إذا قصر عن إفادة التخصيص تعين المصير إلى العموم سيما على القول بمجازية التخصيص مطلقا إذ لا يجوز ترك الظاهر بمجرد احتمال قيام الصارف والمعارض والشك في تعيين المعنى المراد بالمخصص من حيث الاشتراك أو الجهل بالوضع لا يوجب الشك في دلالة العام فإن ظهور العام في العموم لا يسقط باحتمال المخصص ومن هنا يتبين أن ما ادعاه من أن نزاعهم في الهيئة مما لا مدخل له في ذلك وما استند إليه من أن ذلك أعني كون العام مخصصا أو غير مخصص جز من مدلول اللفظ فيرجع الشك إلى تعيين المدلول فاسد لان الأداة أو الهيئة إنما وضعت للاخراج وهو معنى بسيط والتعدد إنما هو فيما تعلقت به وسيأتي التنبيه عليه مع أن ما ذكره هنا ينافي ما ذكره سابقا من أنه على القول برجوعه إلى الجميع يكون مستعملا في إخراجين أو أكثر على البدلية إذ لا يعقل تناول الكل لاجزائه على البدلية ثم في المقام أقوال أخر منها ما حكي عن أبي الحسن البصري ووافقه عليه العلامة في تهذيبه أنه للأخيرة إن تبين استقلال الثانية عن الأولى بالاضراب عن الأولى وذلك بأن لا يتشارك الجملتان في غرض وأن يختلفا نوعا أو اسما ولم يكن الاسم الثاني ضميرا للاسم الأول أو حكما أو اسما وحكما فالأول نحو أكرم بني تميم والنحاة هم العراقيون إلا زيدا فإن أحدهما إنشاء و الاخر إخبار وهل يقتصر في ذلك على مجرد الاختلاف في نوعي الاخبار والنشاء أو يسري إلى مطلق الاختلاف في النوع كما لو كان إحداهما حملية والأخرى شرطية أو كان إحداهما من أحد أنواع النشاء من الأمر والنهي والتمني والقسم ونحو ذلك والأخرى من نوع آخر وجهان يدل على الأول ظاهر اقتصاره عليه وعلى الثاني تحقق الاضراب المذكور في كثير من تلك الأقسام والثاني نحو أكرم بني تميم وربيعة إلا زيدا وهذا التمثيل غير سديد لان الكلام في الجمل المتعاطفة لا في المفردات فالصواب أن يقول وأكرم ربيعة والثالث نحو أكرم بني تميم واستأجر بني تميم إلا زيدا والرابع نحو أكرم بني تميم واستأجر ربيعة إلا زيدا ثم أصول الأقسام التي ذكرها ثلاثة وترتقي بضميمة صور التركيب إلى سبعة فكان ينبغي عليه إما تثليث الأقسام أو تسبيعها فتربيعها كما فعله مما لا وجه له وإلا كان للجميع وذلك بأن لم يظهر منه الاضراب إما بأن يكون الاسم الثاني ضميرا للأول سواء اتحدا نوعا أو حكما أو اختلفا نحو أكرم بني تميم واستأجرهم أو وهم طوال إلا زيدا أو بأن يشتركا في غرض نحو أكرم بني تميم واخلعهم أو هم مقربون إلا زيدا و جعل منه قوله تعالى فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا حيث اشتركا في الغرض و هو الإهانة والانتقام والثاني ضمير الأول وإن اختلفا حكما ونوعا و الثاني ما اختاره الحاجبي وهو أنه إن ظهر الانقطاع فللأخيرة وإن ظهر الاتصال فللجميع وإلا فالتوقف قال العضدي وهذا راجع إلى القول بالتوقف لان الاتصال و الانفصال قرينة على العود إلى الجميع وعدمه وهو بعيد إن حمل الاتصال والانفصال على ارتباط الجمل بعضها ببعض كما هو الظاهر لان المتوقف يتوقف على تقدير ظهور الاتصال بل الانفصال أيضا كما هو ظاهر كلامه وهذا القائل لا يتوقف فيه وتنزيل الاتصال و الانفصال في كلامه على القرينة المفيدة لتعلق الاستثناء بالبواقي و عدمه يوجب أن يكون تفصيله في غير محل النزاع وهو خلاف الظاهر مع أن حمل التوقف في كلامه على التوقف في المراد دون الوضع محتمل فلا وجه لترجيح الأول والثالث ما ذهب إليه في المعالم من أنه صالح للعود إلى الجميع وإلى الأخيرة وإلى أيهما عاد كان حقيقة فيه من حيث الخصوص لا لكونه مشتركا بينهما لفظا كما يذهب إليه السيد بل لكونه موضوعا بالوضع العام لخصوصيات الاخراج وقد توهم المعاصر المذكور في كلامه حيث زعم أنه يذهب إلى القول بالاشتراك المعنوي ويقول بأن الاستثناء موضوع لمطلق الاخراج وأن استعماله في كل فرد من الاخراج حقيقة غاية الامر الاحتياج إلى القرينة في فهم المراد لكون أفراد الكلي غير متناهية والعجب أنه نسب ذلك إليه وقد نقل عنه بعد ذلك تصريحه بأن أدوات الاستثناء موضوعة بالوضع العام لخصوصيات الاخراج وكأنه يؤول الخصوصيات بالخصوصيات النوعية والصنفية كالاخراج عن الأخيرة و الاخراج عن الجميع ولا يخفى ما فيه لخروجه عن ظاهر كلامه و لمخالفته للشواهد الموجودة فيه كما سننبه عليه مع أن ذلك لا يوجب كونه موضوعا لمطلق الاخراج كما هو ظاهر كلامه بل لمطلق إخراج على أن ذلك لا يصحح إطلاق القول بكون
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»