لا يتصف به وأما ما تأول به أمر الصفة فتعسف واضح يقطع بفساده كل من له مسكة بمداليل الألفاظ فإن وجوه تركيب اللفظ يختلف باختلاف طرق التأدية ففرق بين قول القائل أكرم طوال بني تميم لو أكرم بني تميم طوالهم أو أكرم بني تميم الطوال حيث عبر في الأول بطريق الإضافة وفي الثاني بطريق البدلية وفي الثالث بطريق الوصف ولا يلزم من اتحاد المؤدى في هذه الصور اتحاد طرق التأدية والمساواة في الاحكام وأما الضمير في قوله أما القصار منهم فراجع إلى مطلق بني تميم المفهوم من ذكر المقيد ولو بطريق الاستخدام ودعوى رجوعه إلى بني تميم باعتبار ما دل عليه و استعمل فيه مجرد دعوى لا يساعد عليها الوجدان وأما في الثاني فلان لفظ العام إذا كان موضوعا لخصوص الجميع كان إرادة البعض منه موجبا لإرادة غير الموضوع له ضرورة أن البعض غير الجميع فيكون مجازا فيه لا محالة نعم يتجه على أصل الحجة أنها لا تستقيم على إطلاقها فإن الجمع المعرف مختص بالعموم وضعا حيث لا يتعين ما دونه من المراتب وكذلك الموصول مع أنه لو تعين كان استعماله فيه حقيقة أيضا ولا اشتراك فإن مدلول الجمع المعرف ما فوق الاثنين من الافراد المتعينة باعتبار تعينها وكذا مدلول الموصول الشئ أو الشخص المتعين بصلته باعتبار تعينه بها فحيث لا شاهد على التعيين يتعين الحمل على الجميع لتعينه من بين المراتب ولهذا إذا تعين البعض بعهد أو وصف أو شبهه صح الاستعمال فيه من غير تجوز ولا اشتراك ويعرف الكلام في نظائره مما مر حجة القول بأنه حقيقة إن كان الباقي غير منحصر أن معنى العموم حقيقة كون اللفظ متناولا لما لا ينحصر في عدد فحيث يكون الباقي كذلك يكون عاما و الجواب منع كون ذلك معنى العموم بل معناه تناوله لجميع أفراد مفهومه وأما كون الافراد محصورة أو غير محصورة فلا مدخل له في ذلك فإذا اختص بالجميع وضعا واستعمل في غيره كان مجازا لا محالة وإلا فلا تجوز سواء انحصر أو لم ينحصر كما عرفت قال العضدي ولا يخفى أن هذا منشؤه اشتباه كون النزاع في لفظ العام أو في الصيغ يعني كون اللفظ متناولا لما لا ينحصر معنى لفظ العام لا معنى صيغته المبحوث عنها في المقام ولا يخفى ما فيه إذ لا نسلم أن ذلك معنى العام أيضا وإلا لكان ذلك مدلول صيغته أيضا بل معناه أعم من ذلك كما عرفت حجة من فصل بين التخصيص بما لا يستقل وبين التخصيص بالمستقل أن التخصيص بما لا يستقل كالمقيد بالصفة مثل الرجال المسلمين أو بالشرط كأكرم بني تميم إن دخلوا لو كان موجبا للتجوز لكان مسلمون للجماعة والمسلم للجنس أو للعهد و نحو ألف سنة إلا خمسين عاما مجازا والتالي بأقسامه باطل بالاتفاق بيان الملازمة أن كل واحد من المذكورات مقيد بقيد هو كالجز له وقد صار وضعا حيث لا يتعين ما دونه من المراتب وكذلك الموصول مع أنه لو تعين كان استعماله فيه حقيقة أيضا ولا اشتراك فإن مدلول الجمع المعرف جز للكلمة والمجموع لفظ واحد واللام في المسلم وإن كانت كلمة اسما أو حرفا لكن الدال هو المجموع لأنه يعد عرفا كلمة واحدة لا أن مسلما للجنس واللام للقيد والاستثناء إخراج بعد إرادة العموم من اللفظ وشئ من ذلك لا يتحقق في العام المخصص فلا يلزم من كونه مجازا كونها مجازات وفيه نظر لأنه إن أريد أن الواو في مسلمون واللام في المسلم ليس موضوعا لجز المعنى بوضع مستقل فهذا مع فساده في نفسه بشهادة التبادر على خلافه غير ملائم لما ذكروه في حد المركب من أن حروف المضارعة في المضارع تدل على جز المعنى وجوهرة يدل على الجز الاخر وكذلك نحو ضارب وسكران مما يشتمل على مادة تدل على جز المعنى وهيئته تدل على الجز الاخر فإن الالتزام بتعدد الوضع هناك يوجب الالتزام به هنا بطريق أولى وإن أريد أنهما وإن كانا موضوعين بوضعين مستقلين ودالين على المعنى بدلالتين لكنهما يعدان في العرف كلمة واحدة لعدم استقلالهما من حيث اللفظ ففيه أن مدار الاستدلال ليس على كونهما كلمتين عرفا إذ لا مدخل لهذه التسمية في ذلك بل على كونهما موضوعين ودالين فإن الحقيقة و المجاز من توابع الموضوع المستعمل سواء وصف عرفا بكونه كلمة أو لا ومن هنا يتبين أن من عرف الحقيقة والمجاز بالكلمة ينبغي أن يكون مراده بها المعنى الأعم لئلا ينتقض عكسه بمثل ذلك وأما ما ذكر في المثال الأخير من أن الاستثناء إخراج بعد إرادة العموم فلم يثبت منافاته لمقالة الخصم فلا يصلح جوابا عنه وتحقيق المقام أن المستدل إن أراد بمقالته أن التخصيص بما لا يستقل من قبيل التقييد في عدم استلزامه التجوز و أراد بذلك التخصيص لا بمعنى استعمال ما اختص بالعموم وضعا في الخصوص استقام كلامه حيث إنهما يشتركان حينئذ في كونهما مستعملين في تمام المعنى وأن الزائد عليه من التخصيص أو التقييد مراد من أمر آخر ولا حاجة له حينئذ إلى التمسك بمثل مسلمون و المسلم مما يكون التقييد فيه كالجز حتى يرد عليه منع كونهما كلمتين عرفا بل له أن يتمسك بكل مطلق ورد عليه التقييد كقولك اضرب زيدا فإن اضرب مجردا عن القيد موضوع لطلب مطلق الضرب وبعد التقييد بالمفعول صار مفاد المجموع طلب ضرب خاص بحيث لا يحتمل غيره وهو غير ما وضع له لفظ اضرب ويتم به تقرير النقض و أما الحل فبيانه أن مجازية اللفظ المستعمل إنما يكون بإرادة غير معناه الموضوع له منه لا بأن يكون المراد منه ومن غيره غير معناه الموضوع له فإن ذلك لا يوجب صيرورة اللفظ مجازا وإلا لكان كل لفظ مجازا إذا تركب مع غيره ولا ريب أن القائل اضرب زيدا لا يريد بقوله اضرب إلا طلب الضرب المطلق وتقييده بزيد لا ينافي إرادة ذلك وإن دل على إرادة طلب الضرب المقيد لان إرادة المقيد تشتمل على إرادة المطلق إذ المراد بالمطلق ذات المطلق لا هي بصفة الاطلاق وعلى هذا القياس مسلمون والمسلم وإن أراد أن التخصيص بغير المستقل مطلقا من قبيل التقييد كما يشعر
(١٩٨)