الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٩١
وقوله ولا شئ من السبعة بعشرة إذ العشرة المقيدة بالاخراج المذكور كما يصدق عليها أنها عشرة كذلك يصدق عليها أنها ليست بعشرة كالأربعة التي ليست بزوج فإنه كما يصدق عليها أنها أربعة كذلك يصدق عليها أنها ليست بأربعة فالأربعة التي ليست بزوج هي الأربعة التي ليست بأربعة والعشرة التي أخرج منها ثلاثة هي العشرة التي ليست بعشرة هذا محصل كلامه أقول وهذا الاعتراض منه ناش عن قلة التدبر وذلك لان العشرة المقيدة بالاخراج المذكور يمكن أن تعتبر بوجهين الأول أن تعتبر عشرة بلا ثلاثة أي ناقصة من تمام عددها ثلاثة على أن يكون النقص مأخوذا حال اعتبارها عشرة و معناها حينئذ عشرة هي سبعة الثاني أن تعتبر عشرة تامة أخرج منها ثلاثة على أن يكون الاخراج بعد اعتبار التمام ولا خفاء في أن المفهوم من الجمل الاستثنائية هو هذا المعنى دون المعنى الأول كما توهم المعترض فإن معنى قولنا عشرة إلا ثلاثة عشرة أخرج منها ثلاثة إلا العشرة التي تكون بلا ثلاثة وكلام العضدي ناظر إلى هذا كما لا يخفى فيتجه ما ذكره من أن العشرة سواء اعتبرت مطلقا أو مقيدا عشرة ولا شئ من السبعة بعشرة مطلقا فهو من قبيل قولك الماء الذي ينقلب حجرا أو هوأ ماء ولا شئ من الحجر أو الهواء بماء و نحو ذلك فسقط ما أورده المعترض رأسا ثم أقول وما جعله العضدي تحقيقا للمقام كلام عار عن التحقيق لان مبناه على أن الحكم في التركيب المذكور ليس على مدلول لفظ العشرة مطلقا لأنه حكم على السبعة وليست العشرة مطلقا بسبعة بل على محصل التركيب المذكور وهذا واضح الفساد لان الحكم عند غير القاضي لا يكون على مفاد التركيب بل على ما استعمل فيه لفظ العشرة بعضا كما هو المذهب الأول أو كلا كما هو المذهب الثاني وقوله ليست عشرة بسبعة غير وارد على القولين أما على الأول فلان الحكم ليس على العشرة بل على بعضها فعدم كونها سبعة لا ينافي كون الحكم على السبعة و أما على الثاني فلان السلب المذكور إنما يصدق إذا كانت العشرة مستعملة في معناها الحقيقي أعني تمام العشرة وأما إذا كانت مستعملة في معناها المجازي أعني السبعة فصحة السلب ممنوعة للزوم سلب الشئ عن نفسه ثم ما حمل عليه كلام الجمهور من أن المركب المذكور حقيقة في العشرة بمعنى أن محصل معناه الحقيقي عشرة مقيدة لا السبعة مما لا يلتزم به ذو مسكة فكيف يصح تأول كلامهم به بل التحقيق للمقام تثليث الأقوال وتوجيهه بأن يقال لا ريب في أن قولنا له علي عشرة إلا ثلاثة إقرار السبعة لا غير فالاسناد فيه إما إلى العشرة المطلقة أو المقيدة بالاخراج المذكور أو المجموع المركب فإن كان الأول تعين حمل العشرة على السبعة مجازا بقرينة الاستثناء وهو القول الثاني وإن كان الثاني تعين اعتبار الاسناد فيه إلى بعض العشرة وهو الباقي بعد الاخراج دون تمامها و هو القول الأول وإن كان الثالث تعين اعتبار المركب كناية عن السبعة أو مجازا فيها والاسناد إليه باعتبار معناه الكنائي أو المجازي على ما مر تحقيق الكلام فيهما في أوائل الكتاب وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام القاضي لا على ما هو ظاهر كلامه من أن المجموع نزلت منزلة كلمة واحدة ووضعت بإزاء الباقي فإن فساده مما لا يكاد يخفى على أحد فاتضح مما حققناه أن الوجوه المذكورة تصرفات لفظية لا حجر في حمل اللفظ عليها من جهة ما ذكروه نعم يرد عليها أنه لو صح ما ذكروه لجاز أن يستثنى ما يساوي المستثنى منه أو يزيد عليه إذا استثني منه ما يوجب بقاء بعضه كقولك له علي عشرة إلا عشرين إلا خمسة عشر والتالي باطل بيان الملازمة أما على مذهب السكاكي فلان العشرين مستعمل في الخمسة لأنه الباقي بعد الاخراج ولا ريب في جواز استثناء الخمسة من العشرة وأما على مذهب الحاجبي فلان الاشكال لا يندفع على طريقته إلا إذا جعل الاسناد لاحقا لما بقي من المستثنى منه بعد جميع الاخراجات إذا كان هناك إخراجات متعددة ولا ريب أن الباقي من العشرين بعد إخراج خمسة عشر منه إنما هو خمسة وهو يصحح إخراجه من العشرة والاسناد إلى ما بقي منه وأما على مذهب القاضي فإن تسمية الباقي بهذا الاسم أعني الجملة نوعية لا شخصية فلا بد من التزام جوازها بكل ما دل عليه وصلح له وأما بطلان التالي فمعلوم من العرف والاستعمال بل الظاهر أن لا مخالف فيه كما يرشد إليه إطباقهم على بطلان الاستثناء المستوعب من غير تعرض للفرق بين ما إذا تعقبه استثناء آخر مفاده بقاء البعض أو لم يتعقبه لكن صرح الشهيد الثاني في الروضة بصحة ذلك وأخرجه من الاستثناء المستوعب نظرا إلى أن الاخراج في الحقيقة بالباقي من المستثنى بعد الاخراج وهو لا يستوعب وأن الكلام جملة واحدة لا يتم إلا ب آخره وآخره يصير الأول غير مستوعب وأنت خبير بأن ما ذكره إنما يتجه إذا ساعد الطبع والاستعمال عليه ونحن إذا راجعنا وجدنا بشاعة الاستعمال المذكور وعدم مساعدة الطبع عليه وهو كاف في إثبات المنع ومنه يظهر عدم كون المبنى في الاستثناء على حسب ما قرروه على أن فيها خروجا عما هو الظاهر المتداول في الاستعمال فإن المفهوم من قولك جاءني الرجال إلا زيدا إسناد المجئ أولا إلى جميع آحاد الرجال دون بعضهم ومما يدل على ذلك أو يؤيده أنه إذا كان في الدار مثلا ثلاثة رجال فأتاك رجل أو رجلان منهم تقول الرجال جاؤني إلا واحدا أو اثنين منهم دون جاءني أو جاءاني فلو كان الفعل مسندا إلى الواحد أو الاثنين المدلول عليهما بلفظ الجمع أو المركب أو المستعمل فيهما لفظ الجمع لكان اللازم إفراد الضمير أو تثنيته ليوافق المرجع بل لا أقل من جواز ذلك مراعاتا لجانب المعنى مع ما يلزمهم من عدم دلالة الاستثناء على مخالفة ما بعدها لما قبلها في الحكم إذ قضية الأقوال أن يكون مفاد الجملة مجرد لحوق الحكم بالباقي بعد الاخراج وذلك لا يقتضي لحوق خلافه له ولا يلزم خلو الاخراج حينئذ عن الفائدة لجواز تعلق القصد ببيان حكم الباقي فقط ولو لعدم العلم بحال غيره ودعوى أظهرية تلك النكتة غير مسموعة مع أن ذلك يقتضي أن يكون الاستعمال حقيقة فيما خالفها و صريح العرف والاستعمال يكذبه ويمكن دفعه على القولين الأولين بأن الأداة عندهم ليست موضوعة لمطلق الاخراج بل لاخراج ما لا يشارك
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»