على أنه لم يخلص نفسه من الكفر، فيعرف قبح الزنا، لان هذا تصريح بأنه يعاقب على كفره لا على الزنا، وهذا يوجب أن يعاقبه وإن لم يزن. وقد كان شيخ من متقدمي أصحاب الشافعي، وقد استدللت بهذه الطريقة، قال لي: فأنا أقول: إن الكفار مخاطبون من الشرائع بالتروك دون الافعال، لان الافعال تفتقر إلى كونها قربة، ولا يصح ذلك مع الكفر، والتروك لا يفتقر إلى ذلك. فقلت له: هذا - والله - خلاف الاجماع، لان الناس بين قائلين، قائل يذهب إلى أن الكفار مخاطبون بكل الشرائع من غير تفرقة، وقائل يذهب إلى أنهم غير مخاطبين بالكل، فالفصل بين الامرين خلاف الاجماع.
ثم إن القربة معتبرة في تروك هذه القبائح، كما أنها معتبرة في الافعال الشرعية، لأنا إنما أمرنا بأن نترك الزنا ولا نفعله قربة إلى الله - تعالى -، فمن لم يتركه لذلك، * لا يستحق مدحا ولا ثوابا،