فيه شبهة، من حمل الصحابة كل أمر وارد في قرآن أو سنة على الوجوب، وكان يناظر بعضهم بعضا في مسائل مختلفة، فمتى أورد أحدهم على صاحبه أمرا من الله - تعالى أو رسوله - عليه السلام -، لم يقل صاحبه: هذا أمر، والامر يقتضي الندب، أو الوقوف بين الوجوب و الندب بل اكتفوا في الوجوب واللزوم بالظاهر. * وكذلك في جميع المسائل التي ذكرناها، لأنهم ما زالوا يكتفون في وجوب تعجيل الفعل بأن الله - تعالى - أو رسوله - عليه السلام - أوجبه وألزمه، وفي فساده وعدم إجزائه، أنه نهى عنه، وحظره. والعموم يجري مجرى ما ذكرناه. وما كانوا يطلبون عند المنازعة والمناظرة والمطالبة في ألفاظ العموم التي يحتج بها عليهم إلا المخصصات لها، وقد كان يجب أن يقولوا: هذه ألفاظ مشتركة بين العموم والخصوص، فكيف يحتج بها في العموم بغير دلالة. وهذا معلوم ضرورة من عاداتهم التي ما اختلفت، ومعلوم أيضا أن ذلك من شأن التابعين لهم و تابعي التابعين، فطال ما اختلفوا وتناظروا فلم يخرجوا عن القانون
(٥٤)