تواضعهم يتبع اختيارهم، وليس هناك وجوب، وقد كان يجوز أن لا يتواضعوا في هذا اللفظ المخصوص أنه للامر، ولو كان كذلك، لكانت هذه الحروف بعينها توجد، ولا تكون أمرا.
ومنها أنه لو كان الامر يتعلق بالمأمور من غير قصد المخاطب به، لم يمتنع أن يقول أحدنا لغيره: افعل، ويريد منه الفعل، ولا يكون قوله أمرا، أو لا يريد منه الفعل، فيكون قوله أمرا، وقد علمنا خلاف ذلك.
ومنها أن لفظ الامر لو كان مغايرا للفظ ما ليس بأمر، لوجب أن يكون للقادر سبيل إلى التمييز بين ما يوجد فيكون أمرا، وبين ما يوجد فيكون تهديدا، أو إباحة، وفي علمنا بفقد طريق التمييز دليل على أن اللفظ واحد.
ومنها ان هذا القول يقتضي صحة أن نعلم أن أحدنا أمر وإن لم نعلمه مريدا، إذا كان القصد لا تأثير له، ولا خلاف في أن أحدنا إذا كان آمرا، فلا بد من كونه مريدا لما أمر به. وإنما الخلاف