واجب، فيحتاج إلى دلالة إما على أن تركه قبيح، فيعلم أنه واجب.
أو أنه ليس بقبيح، فيعلم أنه ندب.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه، أنا قد بينا أن الامر إنما يكون أمرا، لان الآمر أراد المأمور به، وإرادة الحكيم له تقتضي ما ذكرناه من الصفة الزائدة على حسنه، وهذه الصفة الزائدة على الحسن قد تثبت في الندب والواجب، فلابد من دلالة زائدة تدل على حكم الترك، فيبنى على ذلك الوجوب أو الندب.
وليس لاحد أن يقول: أراد الفعل على جهة الايجاب، لان ذلك لا يعقل، إن لم يكن المقصود به أنه أراده وكره تركه، فإذا كان مطلق الامر لا تعلق بينه وبين هذه الكراهية، لم يجز أن يدل عليها.
ويدل أيضا على ما اخترناه من المذهب أنه لا شبهة في استعمال صيغة الامر في الايجاب والندب معا في اللغة، والتعارف، والقرآن والسنة، وظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة، وإنما يعدل عنها بدليل، وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلا كاستعمالها