قلنا ذلك، لان المباح كما لا يستحق بفعله في الشاهد المدح، كذلك لا يستحق به الثواب، وتكليف ما هذه حاله عبث.
وإنما شرطنا في الايجاب أن يكون له وجه وجوب، لان مالا وجه له يقتضي وجوبه، فإيجابه به قبيح، يجرى مجرى تقبيح الحسن وتحسين القبيح، ولهذا لو أنه - تعالى - أوجب كفر نعمه، لم يصر ذلك واجبا.
وأما الصفات التي يجب كون المأمور عليها، فجملتها أن يكون متمكنا من إيقاع الفعل على الوجه الذي أمر به، وتتفرع هذه الجملة إلى أن تكون القدرة والعلوم والآلات والأسباب والأدلة كلها حاصلة، لان بوجودها يكون التمكن، ومع فقدها يحصل التعذر.
واعلم أن هذه الشروط تنقسم إلى أقسام ثلاثة: أولها أن يكون مما لا يصح إلا من الله تعالى، فلابد من أن يزيح - جل اسمه - علة المكلف فيه، وذلك نحو القدرة والحاسة وكثير من الآلات ونحو كمال العقل.