أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٧
قوله تعالى: * (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا) *. وقبلها، قال تعالى: * (كان مزاجها كافورا) *، فقد قيل هما معا، فهي في برد الكافور وطيب الزنجبيل. قوله تعالى: * (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) *. وهذا وصف شراب الجنة، والشراب هنا هو الخمر، وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان هذا المفهوم من أن شراب خمر الدنيا ليس طهورا، لأن أحوال الجنة لها أحكامها الخاصة، ويشهد لهذا ما تقدم في قوله تعالى: * (ويطاف عليهم بأانية من فضة) * مع أن أواني الفضة محرمة في الدنيا لحديث: (الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)، ومع ذلك فإن أهل الجنة ينعمون بها.
وكذلك ينعمون بخمر الجنة، وكل أوصافها في الجنة عكس أوصافها في الدنيا كما تقدم، لا يصدعون عنها ولا ينزفون، كما أوضحه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عند قوله تعالى * (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) * في سورة الواقعة. قوله تعالى: * (إنا نحن نزلنا عليك القرءان تنزيلا) *. نزلنا وتنزيلا يدل على التكرار بخلاف أنزلنا، وقد بين تعالى أنه أنزل القرآن في ليلة القدر في سورة القدر * (إنا أنزلناه فى ليلة القدر) *، وهنا إثبات التنزيل.
وقد بين تعالى كيفية التنزيل في قوله تعالى: * (وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) *.
وقد بين تعالى الحكمة في هذا التفريق على مكث في قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا) *، وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان هذه المسألة في سورة الفرقان، والإحالة فيها على بيان سابق. قوله تعالى: * (فاسجد له وسبحه ليلا طويلا) *. تقدم بيان مقدار المطلوب قيامه من الليل في أول سورة المزمل في قوله تعالى:
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»