أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٣
وإتمام النعمة.
قوله تعالى * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) * الأمشاج. الأخلاط، كما قال تعالى * (من مآء دافق يخرج من بين الصلب والترآئب) *. قوله تعالى: * (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) *. بين تعالى أنه هدى الإنسان السبيل، وهو بعد الهداية إما شاكرا وإما كفورا.
وهذه الهداية هداية بيان وإرشاد، كما في قوله تعالى * (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) * كما أن الهداية الحقيقية بخلق التوفيق فضلا من الله على من شاء، كما تقدم عند قوله تعالى * (إنك لا تهدى من أحببت ولاكن الله يهدى من يشآء) *.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان الجمع بين الآيتين، ومعنى الهداية العامة والخاصة. قوله تعالى: * (سلاسل وأغلالا) *. بين تعالى نوع هذه السلاسل بذرعها في قوله تعالى * (فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا) *. قوله تعالى: * (يشربون من كأس) *. مادة يشرب تتعدى بنفسها، فيقال: يشرب كأسا بدون مجيء من، ومن للتبعيض وللابتداء، فقيل: هي هنا للابتداء، وأن الفعل مضمن معنى فعل آخر، وهو يتنعمون ويرتوون كما قالوا في عينا يشرب بها عباد الله. إذ الباء تكون للإرادة ولا إرادة هنا، فهم يتنعمون بها.
والذي يظهر أن من للتبعيض فعلا، وأن شرب أهل الجنة على سبيل الترفه والتلذذ، وهي عادة المترفين المنعمين، يشربون بعض الكأس لا كله.
وقد دل على ذلك أنهم لا يشربون عن ظمأ كما في قوله تعالى لآدم * (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى) *، وسيأتي تعدية
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»