أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٤
يسقون بنفسها إلى الكأس * (ويسقون فيها كأسا) *، ويأتي قوله تعالى * (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) *.
ويؤيد هذا اتفاقهم على التضمين في * (عينا يشرب بها عباد الله) *، فهو هنا واضح.
وهناك التبعيض ظاهر. قوله تعالى: * (يوفون بالنذر) *. تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه مبحث النذر وافيا عند قوله تعالى: * (وليوفوا نذورهم) * في سورة الحج.
* (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزآء ولا شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا * متكئين فيها على الا رائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا * ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بأانية من فضة وأكواب كانت قواريرا * قواريرا من فضة قدروها تقديرا * ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا * عينا فيها تسمى سلسبيلا * ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا * وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا * عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا * إن هاذا كان لكم جزآء وكان سعيكم مشكورا * إنا نحن نزلنا عليك القرءان تنزيلا * فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم ءاثما أو كفورا * واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا * ومن اليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا * إن هاؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورآءهم يوما ثقيلا * نحن خلقناهم وشددنآ أسرهم وإذا شئنا بدلنآ أمثالهم تبديلا * إن هاذه تذكرة فمن شآء اتخذ إلى ربه سبيلا * وما تشآءون إلا أن يشآء الله إن الله كان عليما حكيما * يدخل من يشآء فى رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما) * قوله تعالى: * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) *. اختلف في مرجع الضمير في علي حبه، هل هو راجع على الطعام أم على الله تعالى؟ أي ويطعمون الطعام على حب الطعام لقلته عندهم وحاجتهم إليه، أم على حب الله رجاء ثواب الله؟
وقد رجح ابن كثير المعنى الأول، وهو اختيار ابن جرير وساق الشواهد على ذلك كقوله * (وءاتى المال على حبه) *، وقوله * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *.
والواقع أن الاستدلال الأول فيه ما في هذه الآية ولكن أقرب دليلا وأصرح، قوله تعالى * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) *.
وفي الآية التي بعدها في هذه السورة قرينة تشهد لرجوعه للطعام على ما تقدم، وهي قوله تعالى بعدها * (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزآء ولا شكورا) * لأنها في معنى حب الله. مما يجعل الأولى للطعام وهذه لله. والتأسيس أولى من التأكيد، فيكون السياق: ويطعمون الطعام على حاجتهم إياه، ولوجه الله تعالى. والله تعالى أعلم.
مسألة في قوله تعالى: * (مسكينا ويتيما وأسيرا) * جمع أصناف ثلاثة: الأول والثاني من المسلمين غالبا أما الثالث وهو الأسير فلم يكن لدى المسلمين أسرى إلا من الكفار، وإن
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»