أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٦
عليهم غلمان لهم) *، والقوارير جمع قارورة، والعرب تطلق القارورة على إناء الزجاج خاصة، ولكن الآية صريحة في أنها قوارير من فضة، مما يدل على صحة إطلاق القارورة، على غير آنية الزجاج كالفضة مثلا.
قال صاحب اللسان: والقارورة: ما قر فيه الشراب وغيره، وقيل: لا يكون إلا من الزجاج خاصة.
وقوله تعالى: * (قواريرا قواريرا من فضة) * قال بعض أهل العلم: معناه أواني زجاج في بياض الفضة وصفاء القوارير، قال ابن سيده: وهذا أحسن ا ه.
وقال ابن شدياق في معجم مقاييس اللغة: إن مادة قر، القاف والراء أصلان صحيحان يدل أحدهما على برد، والآخر على تمكن، وذكر من التمكن استقر ومستقر، كما ذكر صاحب اللسان كثيرا من ذلك ثم قال:
ومن الباب القر: بضم الراء: صب الماء في الشيء. يقال: قررت الماء، والقر صب الكلام في الأذن، وذكر منه الإقرار ضد الجحود لاستقرار الحق به.
ثم ذكر مسألة إثبات اللغة بالسماع أو بالقياس فقال: وهذه مقاييس صحيحة، فإما أن نتعدى ونتحمل الكلام كما بلغنا عن بعضهم أنه قال: سميت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيره، فليس هذا من مذهبنا.
وقد قلنا: إن كلام العرب ضربان. منه ما هو قياس وقد ذكرناه، ومنه ما وضع وضعا.
والمسألة من مباحث الأصول في الألفاظ، هل هي بوضع لا يقاس عليه وتبقى كما وضعتها العرب، أو أنها توضع بالقياس؟ وفائدة الخلاف هل المسكرات كلها مثلا يتناولها مسمى الخمر بالوضع فتكون محرمة بنص * (إنما الخمر والميسر) *، أو أنها محرمة قياسا على الخمر بجامع علة الإسكار وعليه، فإذا كانت اللغة تساعد على الإطلاق قياسا، فهو أقوى في الحكم بأن يأتي الحكم بالنص لا بالقياس بجامع العلة. ولعل التحقيق في هذه المسألة ما قاله علماء الوضع من أن اللغات منها توقيفي ومنها قياسي.
وفي قوله تعالى: * (قدروها تقديرا) * توجيه إلى حسن الصنع في التسوية في التقدير، والمقاسات.
(٣٩٦)
مفاتيح البحث: الإناء، الأواني (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»