أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٨٦
ولهذا قيل لأحمد: إن بعض الأمراء ينفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك، فقال: دعه، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال، مع أن مذهبه: أن زخرفة المصاحف مكروهة، فمثل هؤلاء إن لم يفعلوا هذا، وإلا اعتاضوا عنه الفساد الذي لا صلاح فيه مثل أن ينفقها في كتب فجور، ككتب الأسمار والأصفار أو حكمة فارس والروم.
ومراتب الأعمال ثلاث: إحداها العمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه.
والثانية: العمل الصالح من بعض وجوهه أو أكثرها، إما لحسن القصد، أو لاشتماله مع ذلك على أنواع من المشروع.
والثالثة: ما ليس فيه صلاح أصلا.
فأما الأولى: فهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أعمال السابقين الأولين.
وأما الثانية فهي كثيرة جدا في طرق المتأخرين من المنتسبين. إلى علم أو عبادة، ومن العامة أيضا، وهؤلاء خير مما لا يعمل عملا صالحا مشروعا ولا غير مشروع، ومع هذا فالمؤمن يعرف المعروف وينكر المنكر ولا يمنعه من ذلك موافقة بعض المنافقين له في ظاهر الأمر بذلك المعروف والنهي عن ذلك المنكر، ولا مخالفة بعض علماء المؤمنين، فهذه الأمور وأمثالها مما ينبغي معرفتها والعمل بها ا ه.
لقد عالج رحمه الله هذه المسألة بحكمة الداعي وسياسة الدعوة مما لا يدع مجالا للكلام فيها.
ولكن قد حدث بعده رحمه الله أمور لم تكن من قبل ابتلى بها العالم الغربي، وغزا بها العالم الشرقي، ولبس بها على المسلمين، وهي تلك المبادئ الهدامة والغزو الفكري، وإبراز شخصيات ذات مبادئ اقتصادية أو فلسفي، ارتفع شأنها في قومهم ونفثت سمومهم إلى بني جلدتنا، وصاروا يقيمون لهم الذكريات ويقدمون عنهم الدراسات جهلا أو تضليلا فقام من المسلمين من يقول:
نعلم أن المولد ليس سنة نبوية ولا طريقا سلفيا ولا عمل القرون للشهود لها بالخير، وإنما نريد مقابلة الفكرة بالفكرة والذكريات بالذكرى، لنجمع شباب المسلمين
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»