قوله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الأسلام دينا) *.
قال عندها: وقال الإمام أحمد حدثنا جعفر بن عوف حدثنا أبو العميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا يا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية قال قوله * (اليوم أكملت لكم دينكم) * فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم جمعة.
ورواه البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به، ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي أيضا من طرق عن قيس بن مسلم به. ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية من طريق سفيان الثوري عن قيس عن طارق قال: قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا فقال عمر: إني لأعلم حين أنزلت، وأين أنزلت، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت: يوم عرفة وأنا والله بعرفة.
وساق عن ابن جرير قال كعب: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه.
فقال عمر: أي آية يا كعب؟ فقال * (اليوم أكملت لكم دينكم) * فأجابه عمر بما أجاب به سابقا، وقال في يوم جمعة ويوم عرفة وكلاهما بحمد الله لنا عيد.
ونقل عن ابن جرير عن ابن عباس قرأ الآية فقال يهودي: لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا يومها عيدا فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين يوم عيد ويوم جمعة.
ومحل الإيراد أن عمر سمع اليهود يشيد بيوم نزولها، فقد أقر اليهودي على ذلك ولم ينكر عليه، ولكن أخبره بالواقع وهو أن يوم نزولها عيد بنفسه بدون أن نتخذه نحن.
وكذلك ابن عباس أقر اليهودي على إخباره وتطلعه واقتراحه، فلم ينكر عليه كما لم ينكر عمر مما يشعر أنه لو لم يكن نزولها يوم عيد، لكان من المحتمل أن تتخذ عيدا. ولكنه صادف عيدا أو عيدين، فهو تكريم لليوم بمناسبة ما نزل فيه من إكمال الدين