والسبات: الانقطاع عن الحركة. وقيل: هو الموت، فهو ميتة صغرى، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى: * (الله يتوفى الا نفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها) *، وقوله تعالى: * (وهو الذى يتوفاكم باليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه) *، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة.
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه إيرادها مفصلة في أكثر من موضع، ولذا عقبها تعالى بقوله: * (إن يوم الفصل كان ميقاتا) * أي للبعث الذي هم فيه مختلفون، يكون السياق مرجحا للمراد بالنبأ هنا.
ويؤكد ذلك أيضا، كثرة إنكارهم وشدة اختلافهم في البعث أكثر منهم في البعثة، وفي القرآن، فقد أقر أكثرهم ببلاغة القرآن، وأنه ليس سحرا ولا شعرا، كما أقروا جميعا بصدقه عليه السلام وأمانته، ولكن شدة اختلافهم في البعث كما في أول سورة ص و ق، ففي ص قال تعالى: * (وعجبوا أن جآءهم م نذر منهم وقال الكافرون هاذا ساحر كذاب * أجعل الا لهة إلاها واحدا إن هاذا لشىء عجاب) *.
وفي ق قال تعالى: * (بل عجبوا أن جآءهم منذر منهم فقال الكافرون هاذا شىء عجيب * أءذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) *، فهم أشد استبعادا للبعث مما قبله، والله تعالى أعلم. قوله تعالى: * (كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون) *. لم يبين هنا هل علموا أم لا. ولكن ذكر آيات القدرة الباهرة على إحيائهم بعد الموت بمثابة إعلامهم بما اختلفوا فيه، لأنه بمنزلة من يقول لهم: إن كنتم مختلفين في إثبات البعث ونفيه، فهذه هي آياته ودلائله فاعتبروا بها وقايسوه عليها، والقادر على إيجاد تلك، قادر على إيجاد نظيرها.
ولكن العلم الحقيقي بالمعاينة لم يأت بعد لوجود السين وهي للمستقبل، وقد جاء في سورة التكاثر في قوله: * (ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين) *، وهذا الذي سيعلمونه يوم الفصل المنصوص عليه