أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٠٧
وقد رجح ابن جرير: احتمال الجميع وألا تعارض بينها.
والواقع أنها كلها متلازمة، لأن من كذب بواحد منها كذب بها كلها، ومن صدق بواحد منها صدق بها كلها، ومن اختلف في واحد منها لا شك أنه يختلف فيها كلها.
ولكن السياق في النبأ وهو مفرد. فما المراد به هنا بالذات؟
قال ابن كثير والقرطبي: من قال إنه القرآن: قال بدليل قوله: * (قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون) *.
ومن قال: إنه البعث قال بدليل الآتي بعدها: * (إن يوم الفصل كان ميقاتا) *.
والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن أظهرها دليلا هو يوم القيامة والبعث، لأنه جاء بعده بدلائل وبراهين البعث كلها، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة، أما براهين البعث فهي معلومة أربعة: خلق الأرض والسماوات، وإحياء الأرض بالنبات، ونشأة الإنسان من العدم، وإحياء الموتى بالفعل في الدنيا لمعاينتها وكلها موجودة هنا.
أما خلق الأرض والسماوات، فنبه عليه بقوله: * (ألم نجعل الا رض مهادا * والجبال أوتادا) *، وقوله: * (وبنينا فوقكم سبعا شدادا * وجعلنا سراجا وهاجا) * فكلها آيات كونية دالة على قدرته تعالى كما قال: * (لخلق السماوات والا رض أكبر من خلق الناس) *.
وأما إحياء الأرض بالنبات ففي قوله تعالى: * (وأنزلنا من المعصرات مآء ثجاجا * لنخرج به حبا ونباتا * وجنات ألفافا) * كما قال تعالى: * (ومن ءاياته أنك ترى الا رض خاشعة فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحى الموتى) *.
وأما نشأة الإنسان من العدم، ففي قوله تعالى: * (وخلقناكم أزواجا) * أي أصنافا، كما قال تعالى: * (قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة وهو بكل خلق عليم) *.
وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل، ففي قوله تعالى: * (وجعلنا نومكم سباتا) *
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»