ونزلت سورة الفتح في عودته صلى الله عليه وسلم من صلح الحديبية.
وكذلك يوم بدر كان يوم الفرقان، فرق الله فيه بين الحق والباطل ونصر فيه المسلمين مع قلتهم على المشركين مع كثرتهم.
وكذلك يوم فتح مكة وتحطيم الأصنام والقضاء نهائيا على دولة الشرك في البلاد العربية، ومن قبل ذلك ليلة خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة ونزوله في الغار، إذ كان فيها نجاته صلى الله عليه وسلم من فتك المشركين، كما قال الصديق وهما في الطريق إلى الغار حينما كان يسير أحيانا أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وأحيانا خلفه فسأله صلى الله عليه وسلم فقال: أتذكر الرصد فأكون أمامك، وأتذكر الطلب فأكون خلفك، فقال صلى الله عليه وسلم (أتريد لو كان شيء يكون فيك يا أبا بكر؟
فقلت نعم فداك أبي وأمي يا رسول الله، فإني إن أهلك أهلك وحدي، وإن تصب أنت يا رسول الله تصب الدعوى معك).
وكذلك وصوله صلى الله عليه وسلم المدينة بداية حياة جديدة وبناء كيان أمة جديدة، وكل ذلك لم يجعل الإسلام لذلك كله عملا خاصا به والناس في إبانها تأخذهم عاطفة الذكرى، ويجرهم حنين الماضي وتتراءى لهم صفحات التاريخ، فهل يقفون صما بكما أم ينطقون بكلمة تعبير؟ وشكر لله إنه إن يكن من شيء فلا يصح بحال من الأحوال، أن يكون من اللهو واللعب والمنكر وما لا يرضى الله ولا رسوله.
إنه إن يكن من شيء، فلا يصح إلا من المنهج الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مثل تلك المناسبات من عبادة في صيام أو صدقة أو نسك ولا يمكن أن يقال فيها بما يقال في المصالح المرسلة حيث كانت.
وكان عهد التشريع ولم يشرع في خصوصها شيء، وهل الأمر فيها كالأمر في المولد على ما قدمه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتكون ضمن عموم قوله تعالى * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) *، وضمن قوله تعالى * (فاعتبروا ياأولى الا بصار) * رأي بقصص الماضين.
ونحن أيضا نقص على أجيالنا بعد هذه القرون، أهم أحداث الإسلام لاستخلاص العظة والعبرة أم لا؟
وهذا ما يتيسر إيراده بإيجاز في هذه المسألة، وبالله تعالى التوفيق.
تنبيه مما يعتبر ذا صلة بهذا المبحث في الجملة ما نقله ابن كثير في التفسير عند كلامه على