والثالثة: إحياء الأرض بعد موتها * (فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت) *، * (إن الذى أحياها لمحى الموتى) *.
والرابع: الذي لم تذكر هنا هو إحياء الموتى بالفعل، كقتيل بني إسرائيل، * (فقلنا اضربوه ببعضها كذالك يحى الله الموتى) *.
وقد تقدم تفصيل ذلك في أكثر من موضع للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، وهنا سياق هذه البراهين للرد على المكذبين بالبعث، ولكن في هذا السياق إشكال فيما يبدو كبير وهو قوله تعالى: * (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) *.
وإذا كان السياق للاستدلال بالمعلوم المشاهد على المجهول الغيبي، فإن خلق الإنسان أطوارا محسوس مشاهد ومسلم به، وإنبات الإنسان من الأرض بإطعامه من نباتها وإحيائها بعد موتها واهتزازها وإنباتها النبات أمر محسوس.
ويمكن أن يقال للمخاطب: كما شاهدت خلق الإنسان من عدم وتطوره أطوارا، وشاهدت إحياء الأرض الميتة، فإن الله الذي خلقك وأحيا لك الأرض الميتة قادر على أن يعيدك ويخرجك منها إخراجا.
ولكن كيف تقول: وكما شاهدت خلق السماوات سبعا طباقا فإن القادر على ذلك قادر على بعثك. والحال أن الإنسان لم يشاهد خلق السماوات سبعا طباقا، ولا رأى كيف خلقها الله سبعا طباقا، والإشكال هنا هو كيف قيل لهم: * (ألم تروا كيف) *.
والكيف للحالة والهيئة، وهم لم يشاهدوها كما قال تعالى: * (مآ أشهدتهم خلق السماوات والا رض ولا خلق أنفسهم) *.
وكيف يستدلون بالمجهول عندهم على المغيب عنهم؟
وهنا تساءل ابن كثير تساؤلا واردا، وهو قوله: * (طباقا) * أي واحدة فوق واحدة، وهل هذا يتلقى من جهة السمع فقط؟ أو هو من الأمور المدركة بالحس، مما علم من التسيير والكسوفات. وأظنه يعني التسيير من السير، فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها بعضا، فأدناها القمر في السماء الدنيا وذكر الكواكب السبعة في السماوات السبع، وكلام أهل الهيئة ولم يتعرض للإشكال بحل يركن إليه.