أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٨
وقيل أطوارا: اختلافهم في الأخلاق والأفعال. قاله القرطبي.
ولكن كما قدم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه. أنه إذا تعددت الأقوال في الآية وكان فيها قرينة دالة على أحد الأقوال فإنه يبينه، وهنا قرينة في الآية على أن المراد هو الأول وإن كان الجميع صحيحا، والقرينة هي أن الآية في قضية الخلق وهو الإيجاد الأول، لأن ما بعد الإيجاد صفات عارضة.
وقد جاء نظير الآية في سورة المؤمنون كما قدمنا، وقد ذيلت بقوله تعالى: * (فتبارك الله أحسن الخالقين) *.
ومنها أن الآية سيقت في الدلالة على قدرة الله على بعثهم بعد موتهم لمجازاتهم، فكان الأنسب بها أن يكون متعلقها كمال الخلقة والقدرة على الإيجاد.
والأنسب لهذا المعنى هو خلقهم من نطفة أمشاج وماء مهين، ثم تطويرها إلى علقة، ثم تطوير العلقة مضغة، ثم خلق المضغة عظاما، ثم كسو العظام لحما. ثم نشأته نشأة أخرى.
إنها قدرة باهرة وسلطة قاهرة.
ومثله في الواقعة: * (أفرءيتم ما تمنون أءنتم تخلقونه أم نحن الخالقون) *.
وفي الطور في أصل الخلقة: * (أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون) *.
إن أصل الخلقة والإيجاد وهو أقوى دليل على القدرة، وهو الذي يجاب به على الكفرة، كما في قوله تعالى: * (قتل الإنسان مآ أكفره) * ثم قال: * (من أى شىء خلقه من نطفة خلقه فقدره) * ذلك كله دليل على أن المراد بالأطوار في الآية، هو ما جاء عن ابن عباس المشتملة عليه سورة المؤمنون.
تنبيه إن بيان أطوار خلقة الإنسان على النحو المتقدم أقوى في انتزاع الاعتراف بقدرة الله
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»