ومن قضائهن سبع سماوات في يومين.
ومن وحيه في كل سماء أمرها.
كل ذلك تفصيل لأمور لم يشهدوها ولم يعلموا عنها بشيء، ومن ضمنها قضاؤه سبع سماوات، فكان كله على سبيل الإخبار لجماعة الكفار.
وعقبه بقوله: * (ذلك تقدير العزيز العليم) * فكان مقتضى هذا الإخبار وموجب هذا التقدير من العزيز العليم، أن يصدقوا أو أن يؤمنوا. وهذا من خصائص كل إخبار يكون مقطوعا بصدقه من كل من هو وائق بقوله: يقول الخبر، وكان لقوة صدقه ملزم لسامعه، ولا يبالي قائله بقبول السامع له أو إعراضه عنه.
ولذا قال تعالى بعد ذلك مباشرة * (فإن أعرضوا) * أي بعد إعلامهم بذلك كله، فلا عليك منهم * (فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) *.
وحيث إن الله خاطبهم هنا * (ألم تروا كيف) * فكان هذا أمر لفرط صدق الإخبار به، كالمشاهد المحسوس الملزم لهم؟
وقد جاءت السنة وبينت تلك الكيفية أنها سبع طباق بين كل سماء، والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، وشمل كل سماء وسمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام.
وقد يقال: إن الرؤية هنا في الكيفية حاصلة بالعين محسوسة، ولكن في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج حيث عرج به ورأى السبع الطباق، وكان يستأذن لكل سماء. ومشاهدة الواحد من الجنس كمشاهدة الجميع، فكأننا شاهدناها كلنا لإيماننا بصدقه صلى الله عليه وسلم، ولحقيقة معرفتهم إياه صلى الله عليه وسلم في الصدق من قبل. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا) *. ينص تعالى هنا أن قوم نوح اتبعوا من هذا وصفه مع أن المال يزيد الإنسان نفعا. وقد بين تعالى أن المال فعلا قد يورث خسارة، وهلاكا كما في قوله تعالى: * (إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى) * أي بالطغيان يكون إهلاكا. قوله تعالى: * (وقال نوح رب لا تذر على الا رض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) *.