والقمل والضفادع والدم ءايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين) *.
وقوله تعالى بعدها: * (ولما وقع عليهم الرجز قالوا ياموسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسراءيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون) *.
فمن كانت هذه حالته وموسى يعاين ذلك منهم، لا شك أنه يحكم عليهم أنهم لن يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.
وكذلك كان دليل الاستقراء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه استدل به على عكس الأقوام الآخرين، حينما رجع من الطائف وفعلت معه ثقيف ما فعلت فأدموا قدميه، وجاءه جبريل ومعه ملك الجبال واستأذنه في أن يطبق عليهم الأخشبين، فقال: (لا، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إلاه إلا الله) وذلك أنه صلى الله عليه وسلم علم باستقراء حالهم أنهم لا يعلمون فهم يمتنعون عن الإيمان لقلة تعلمهم وأنهم في حاجة إلى التعليم.
فإذا علموا تعلموا، وأن طبيعتهم قابلة للتعليم لا أنهم كغيرهم في إصرارهم، لأنه شاهد من كبارهم إذا عرض عليهم القرآن وخوطبوا بخطاب العقل ووعوا ما يخاطبون به وسلموا من العصبية والنوازع الأخرى فإنهم يستجيبون حالا كما حدث لعمر وغيره رضي الله عنهم إلا من أعلمه الله بحاله مثل الوليد بن المغيرة * (ذرنى ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا) * إلى قوله * (إنه كان لا ياتنا عنيدا سأرهقه صعودا) * إلى قوله * (سأصليه سقر) *، فعلم صلى الله عليه وسلم حاله ومآله، ولذا فقد دعا عليه يوم بدر.
ومثله أبو لهب لما تبين حاله بقوله تعالى: * (سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب) *، فلكون العرب أهل فطرة، ولكون الإسلام دين الفطرة أيضا كانت الاستجابة إليه أقرب.
انظر مدة مكثه صلى الله عليه وسلم من البعثة إلى انتقاله إلى الرفيق الأعلى ثلاثا وعشرين سنة، كم عدد من أسلم فيها بينما نوح عليه السلام يمكث ألف سنة إلا خمسين عاما فلم يؤمن معه إلا القليل.