((سورة نوح)) * (إنآ أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * قال ياقوم إنى لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون * يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جآء لا يؤخر لو كنتم تعلمون * قال رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعآئى إلا فرارا * وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فىءاذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا * ثم إنى دعوتهم جهارا * ثم إنى أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا * فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السمآء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا * ما لكم لا ترجون لله وقارا * وقد خلقكم أطوارا) * قوله تعالى: * (إنآ أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) *. فيه بيان أن الله تعالى أرسل رسوله نوحا لينذر قومه قبل أن يأتيهم العذاب فالنذارة أولا وهي عامة في جميع الأمم والرسل.
كقوله تعالى: * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * وذلك لإقامة الحجة أولا، كما في قوله تعالى: * (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) *، وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان هذه المسألة في سورة بني إسرائيل على قوله تعالى: * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) *. قوله تعالى: * (أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم) *. جعل الطاعة هنا لنبي الله نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وعلق عليها مغفرة الله لذنوبهم.
وقد بين تعالى أن طاعة النبي هي طاعة الله، فهي في الأصل طاعة لله لأنه مبلغ عن الله كما في قوله تعالى في سورة النساء * (وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا من يطع الرسول فقد أطاع الله) *. قوله تعالى: * (قال رب إنى دعوت قومى ليلا ونهارا) *. أي على الدوام كما قال: * (ثم إنى دعوتهم جهارا ثم إنى أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا) *.
أي أن نبي الله نوحا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، بذل كل ما يمكنه في سبيل الدعوة إلى الله، وقد بين تعالى مدة مكثه فيهم على تلك الحالة في قوله تعالى: * (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) *.