أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٩
من العبد، من يحيي المخلوق جملة، لأنه يوقفه على عدة مراحل من حياته وإيجاده، وكل طور منها آية مستقلة، وهذا التوجيه موجود في الظواهر الكونية أيضا من سماء وأرض، فالسماء كانت دخانا وكانت رتقا ففتقهما، والأرض كانت على غير ما هي عليه الآن، وبين الجميع في قوله: * (أءنتم أشد خلقا أم السمآء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والا رض بعد ذلك دحاها أخرج منها مآءها ومرعاها والجبال أرساها) * وأجمع من ذلك كله في قوله تعالى في فصلت * (قل أءنكم لتكفرون بالذى خلق الا رض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيهآ أقواتها فى أربعة أيام سوآء للسآئلين ثم استوى إلى السمآء وهى دخان فقال لها وللا رض ائتيا طوعا أو كرها قالتآ أتينا طآئعين فقضاهن سبع سماوات فى يومين وأوحى فى كل سمآء أمرها وزينا السمآء الدنيا بمصابيح وحفظا) *. ثم ختم تعالى هذا التفصيل الكامل بقوله: * (ذلك تقدير العزيز العليم) *، ففيه بيان أن تلك الأطوار في المخلوقات بتقدير معين، وأنه بعلم، ومن العزيز سبحانه، فكان من الممكن خلقها دفعة واحدة، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
ولكن العرض على هذا التفصيل أبعد أثرا في نفس السامع وأشد تأثيرا عليه. والعلم عند الله تعالى.
* (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا * وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا * والله أنبتكم من الا رض نباتا * ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا * والله جعل لكم الا رض بساطا * لتسلكوا منها سبلا فجاجا * قال نوح رب إنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا * ومكروا مكرا كبارا * وقالوا لا تذرن ءالهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا * وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا * مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الا رض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا * رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا) * قوله تعالى: * (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله أنبتكم من الا رض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا) *. في هذه الآية مع ما قبلها ثلاثة براهين من براهين البعث الأربعة التي كثر مجيئها في القرآن.
الأولى: خلق الإنسان * (قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة) *.
والثانية: خلق السماوات والأرض: * (لخلق السماوات والا رض أكبر من خلق الناس) *.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»