أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٤
أجمل ما يعلمون في ما الموصولة مما، وقد بينه تعالى في عدة مراحل من تراب أولا ثم من نطفة. وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك في أكثر من موضع، وأصرح نص في ذلك قوله تعالى * (ألم نخلقكم من مآء مهين) * وقوله: * (فلينظر الإنسان مم خلق خلق من مآء دافق يخرج من بين الصلب والترآئب) * أي ماء الرجل وماء المرأة يختلطان معا، كما في قوله تعالى: * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) *.
وقوله تعالى: * (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) * ليس لمجرد الإخبار، لأنهم يعلمون، والعالم ليس في حاجة إلى إخبار، ولكن يراد بذلك لازم الخبر، وهو إفهامهم بأن من خلقهم من هذا الذي يعلمون قادر على إعادتهم وبعثهم ومجازاتهم، كما في سورة الدهر * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا) *. ثم قال: * (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) *. ثم بين المصير * (إنآ أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا إن الا برار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) *. قوله تعالى: * (فلا أقسم برب المشارق والمغارب) *. قوله تعالى * (فلا أقسم) * ظاهر النفي، والحال أنه أقسم بدليل جواب القسم بعده * (إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم) *، وللعلماء في مجيء لا هذه، كلام كثير، وقد فصله الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب في سورة البلد، وسيطبع إن شاء الله في نهاية هذه التتمة.
وقوله: * (برب المشارق والمغارب) * فهو الله تعالى رب كل شيء ومليكه، وقد نص على نظيره في سورة الرحمان * (رب المشرقين ورب المغربين فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
وقد جمعت المشارق هنا، وثنيت في الرحمان وأفردت في قوله تعالى * (ولله المشرق والمغرب) *، فالجمع على مشارق الشمس في السنة لكل يوم مشرق،
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»