أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٨٦
فإن قال قائل: لم أنكرتم أن يكون قوله: * (مما عملت أيدينآ) * وقوله * (لما خلقت بيدى) * على المجاز؟.
قيل له: حكم كلام الله عز وجل أن يكون على ظاهره وحقيقته ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلا لحجة.
ألا ترون أنه إذا كان ظاهر الكلام العموم فإذا ورد بلفظ العموم، والمراد به الخصوص، فليس هو على حقيقة الظاهر؟
وليس يجوز أن يعدل بما ظاهره العموم عن العموم بغير حجة؟
كذلك قول الله عز وجل * (لما خلقت بيدى) * على ظاهره وحقيقته من إثبات اليدين، ولا يجوز أن يعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة.
ولو جاز ذلك لمدع أن يدعي أن ما ظاهره العموم، فهو على الخصوص، وما ظاهره الخصوص فهو على العموم بغير حجة.
وإذا لم يجز هذا لمدعيه بغير برهان، لم يجز لكم ما ادعيتموه، أنه مجاز بغير حجة.
بل واجب أن يكون قوله * (لما خلقت بيدى) * إثبات يدين لله تعالى في الحقيقة غير نعمتين إذا كانت النعمتان لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول قائلهم: فعلت بيدي وهو يعني النعمتين. ا ه محل الغرض منه بلفظه.
وفيه تصريح أبي الحسن الأشعري رحمه الله، بأن صفات الله كصفة اليد ثابتة له حقيقة لا مجازا، وأن المدعين أنها مجازهم خصومه وهو خصمهم كما ترى.
وإنما قال رحمه الله: إنه تعالى متصف بها حقيقة لا مجازا، لأنه لا يشك في أن ظاهر صفة الله هو مخالفة صفة الخلق، وتنزيهها عن مشابهتها كما هو شأن السلف الصالح كلهم.
فإثبات الحقيقة ونفي المجاز في صفات الله هو اعتقاد كل مسلم طاهر القلب من أقذار التشبيه، لأنه لا يسبق إلى ذهنه من اللفظ الدال على الصفة كصفة اليد والوجه إلا أنها صفة كمال منزهة عن مشابهة صفات الخلق.
(٢٨٦)
مفاتيح البحث: الحج (4)، الطهارة (1)، الجواز (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»