وإنما يراد به أمام فقط كقوله تعالى: * (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهاذا القرءان ولا بالذى بين يديه) * أي ولا بالذي كان أمامه سابقا عليه من الكتب.
وكقوله: * (ومصدقا لما بين يديه من التوراة) * أي مصدقا لما كان أمامه متقدما عليه من التوراة.
وكقوله: * (فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم) *، فالمراد بلفظ ما بين أيديهم ما أمامهم.
وكقوله تعالى: * (وهو الذى يرسل الرياح بشرى بين يدى رحمته) *، أي يرسل الرياح مبشرات أمام رحمته التي هي المطر، إلى غير ذلك من الآيات.
ومما يوضح لك ذلك أنه لا يمكن تأويل اليدين في ذلك بنعمتين ولا قدرتين ولا جارحتين. ولا غير ذلك من الصفات، فهذا أسلوب خاص دال على معنى خاص. بلفظ خاص مشهور، في كلام العرب فلا صلة له باللفظ الدال على الجارحة، بالنسبة إلى الإنسان ولا باللفظ الدال على صفة الكمال والجلال الثابتة لله تعالى. فافهم.
وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله في كتابه: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، الذي ذكر فيه أقوال جميع أهل الأهواء والبدع والمؤولين والنافين لصفات الله أو بعضها ما نصه:
جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يردون من ذلك شيئا.
وأن الله سبحانه إله واحد فرد صمد لا إله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله سبحانه على عرشه كما قال * (الرحمان على العرش استوى) * وأن له يدين بلا كيف كما قال: * (خلقت بيدى) *. وكما قال: * (بل يداه مبسوطتان) * إلى أن قال في كلامه هذا، بعد أن سرد مذهب أهل السنة والجماعة. ما نصه:
فهذه جملة ما يأمرون به ويستعملونه ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه