أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٨٨
وإذا كان يراد بها التعظيم، لا التعدد علم بذلك أنها لا تصح بها معارضة قوله: * (لما خلقت بيدى) *، لأنها دلت على صفة اليدين، والجمع في قوله: * (أيدينآ) * لمجرد التعظيم.
وما كان كذلك لا يدل على التعدد فيطلب الدليل من غيره، فإن دل على أن المراد بالتعظيم واحد حكم بذلك، كالآيات المتقدمة.
وإن دل على معنى آخر حكم به.
فقوله مثلا: * (وإنا له لحافظون) * قام فيه البرهان القطعي أنه حافظ واحد، وكذلك قوله: * (أم نحن الخالقون) *، * (أم نحن المنزلون) *، * (أم نحن المنشئون) * فإنه قد قام في كل ذلك البرهان القطعي على أنه خالق واحد، ومنزل واحد، ومنشىء واحد.
وأما قوله: * (مما عملت أيدينآ) * فقد دل البرهان القطعي، على أن الله موصوف بصفة اليدين كما صرح به في قوله: * (لما خلقت بيدى) * كما تقدم إيضاحه قريبا.
وقد علمت أن صيغة الجمع في قوله: * (لحافظون) *، وقوله: * (أم نحن الخالقون) * وقوله: * (أم نحن المنزلون) * وقوله: * (أم نحن المنشئون) * وقوله: * (خلقنا لهم مما عملت أيدينآ) * لا يراد بشيء منه معنى الجمع، وإنما يراد به التعظيم فقط.
وقد أجاب أبو الحسن الأشعري رحمه الله في كتاب الإبانة بما يقرب من هذا في المعنى.
واعلم أن لفظ اليدين، قد يستعمل في اللغة العربية استعمالا خاصا، بلفظ خاص لا تقصد به في ذلك النعمة ولا الجارحة ولا القدرة، وإنما يراد به معنى أمام.
واللفظ المختص بهذا المعنى هو لفظة اليدين التي أضيفت إليها لفظة بين خاصة، أعني لفظة بين يديه، فإن المراد بهذه اللفظة أمامه. وهو استعمال عربي معروف مشهور في لغة العرب لا يقصد فيه معنى الجارحة ولا النعمة ولا القدرة، ولا أي صفة كائنة ما كانت.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»