بل الأشعري رحمه الله مصرح في كتبه العظيمة التي صنفها بعد رجوعه عن الاعتزال، (كالموجز)، (ومقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)، (والإبانة عن أصول الديانة) أن معتقده الذي يدين الله به هو ما كان عليه السلف الصالح من الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وإثبات ذلك كله من غير كيف ولا تشبيه ولا تعطيل.
وأن ذلك لا يصح تأويله ولا القول بالمجاز فيه.
وأن تأويل الاستواء بالاستيلاء هو مذهب المعتزلة ومن ضاهاهم.
وهو أعلم الناس بأقوال المعتزلة لأنه كان أعظم إمام في مذهبهم، قبل أن يهديه الله إلى الحق، وسنذكر لك هنا بعض نصوص أبي الحسن الأشعري رحمه الله لتعلم صحة ما ذكرنا عنه.
قال رحمه الله (في كتاب الإبانة عن أصول الديانة)، الذي قال غير واحد أنه آخر كتاب صنفه، ما نصه:
فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة، والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون قيل له:
قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث.
ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نصر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون.
لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان به الحق ورفع به الضلال وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين وشك الشاكين. فرحمة الله عليه من إمام مقدم وخليل معظم مفخم، وعلى جميع أئمة المسلمين.
وجملة قولنا: أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئا.
وأن الله عز وجل إله واحد لا إله إلا هو فرد صمد، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن