قيل لهم: ولم قضيتم أن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة؟
فإن رجوعنا إلى شاهدنا، وإلى ما نجده فيما بيننا من الخلق؟
فقالوا: اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة.
قيل لهم: إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله عز وجل فكذلك لم نجد حيا من الخلق، إلا جسما لحما ودما، فاقضوا بذلك على الله عز وجل.
وإلا فأنتم لقولكم متأولون ولاعتلالكم ناقضون.
وإن أثبتم حيا لا كالأحياء منا.
فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله عز وجل عنهما، يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا كالأيدي؟
وكذلك يقال لهم:
لم تجدوا مدبرا حكيما إلا إنسانا، ثم أثبتم أن للدنيا مدبرا حكيما، ليس كالإنسان، وخالفتم الشاهد ونقضتم اعتلالكم.
فلا تمنعوا من إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين، من أجل أن ذلك خلاف الشاهد ا ه. محل الغرض منه بلفظه.
وبه تعلم أن الأشعري رحمه الله، يعتقد أن الصفات التي أنكرها المؤولون كصفة اليد، من جملة صفات المعاني كالحياة ونحوها، وأنه لا فرق البتة بين صفة اليد وصفة الحياة فما اتصف الله به من جميع ذلك فهو منزه عن مشابهة ما اتصف به الخلق منه.
واللازم لمن شبه في بعض الصفات ونزه في بعضها أن يشبه في جميعها أو ينزه في جميعها، كما قاله الأشعري.
أما ادعاء ظهور التشبيه في بعضها دون بعض، فلا وجه له بحال من الأحوال، لأن الموصوف بها واحد، وهو منزه عن مشابهة صفات خلقه.
ومن جملة كلام أبي الحسن الأشعري رحمه الله المشار إليها آنفا في إثبات الصفات ما نصه: