أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢١٠
سورة هود: * (وهو الذى خلق السماوات والا رض فى ستة أيام وكان عرشه على المآء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) *.
فلام التعليل في قوله: ليبلوكم متعلقة بقوله * (خلق سبع سماوات) * وبه تعلم أنه ما خلقهما إلا خلقا متلبسا بالحق.
ونظير ذلك قوله تعالى في أول الكهف * (إنا جعلنا ما على الا رض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) *. وقوله تعالى في أول الملك: * (الذى خلق الموت والحيواة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) *.
ومما يوضح أنه ما خلق السماوات والأرض إلا خلقا متلبسا بالحق، قوله تعالى في آخر الذاريات * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون مآ أريد منهم من رزق ومآ أريد أن يطعمون) *.
سواء قلنا: إن معنى إلا ليعبدون أي لآمرهم بعبادتي فيعبدني السعداء منهم، لأن عبادتهم يحصل بها تعظيم الله وطاعته، والخضوع له كما قال تعالى: * (فإن يكفر بها هاؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين) *. وقال تعالى: * (فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون) *.
أو قلنا: إن معنى إلا ليعبدون أي إلا ليقروا لي بالعبودية، ويخضعوا ويذعنوا لعظمتي، لأن المؤمنين يفعلون ذلك طوعا، والكفار يذعنون لقهره وسلطانه تعالى كرها.
ومعلوم أن حكمة الابتلاء والتكليف لا تتم إلا بالجزاء على الأعمال.
وقد بين تعالى أن من الحق الذي خلق السماوات والأرض خلقا متلبسا به، جزاء الناس بأعمالهم، كقوله تعالى في النجم * (ولله ما فى السماوات وما فى الا رض ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى) *.
فقوله تعالى: * (ولله ما فى السماوات وما فى الا رض) * أي هو خالقها ومن فيهما * (ليجزى الذين أساءوا بما عملوا) *.
ويوضح ذلك قوله تعالى في يونس * (إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزى الذين ءامنوا
(٢١٠)
مفاتيح البحث: سورة هود (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»