تتقون) * * (الذى جعل لكم الا رض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) *، لأن قوله: * (اعبدوا ربكم) * فيه معنى الإثبات من لا إله إلا الله.
وقوله * (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) * يتضمن معنى النفي منها على أكمل وجه وأتمه.
وقد أقام الله جل وعلا البرهان القاطع، على صحة معنى لا إله إلا الله، نفيا وإثباتا، بخلقه للسماوات والأرض، وما بينهما في قوله * (الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذى جعل لكم الا رض فراشا والسمآء بنآء) *.
وبذلك تعلم أنه ما خلق السماوات والأرض وما بينهما إلا خلقا متلبسا بأعظم الحق، الذي هو إقامة البرهان القاطع، على توحيده جل وعلا، ومن كثرة الآيات القرآنية، الدالة على إقامة هذا البرهان، القاطع المذكور، على توحيده جل وعلا، علم من استقراء القرآن، أن العلامة الفارقة من يستحق العبادة، وبين من لا يستحقها، هي كونه خالقا لغيره، فمن كان خالقا لغيره، فهو المعبود بحق، ومن كان لا يقدر على خلق شيء، فهو مخلوق محتاج، لا يصح أن يعبد بحال.
فالآيات الدالة على ذلك كثيرة جدا كقوله تعالى في البقرة المذكورة آنفا: * (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم) *.
فقوله: * (الذى خلقكم) * يدل على أن المعبود هو الخالق وحده، وقوله تعالى: * (أم جعلوا لله شركآء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء) *. يعني وخالق كل شيء هو المعبود وحده.
وقد أوضح تعالى هذا في سورة النحل، لأنه تعالى لما ذكر فيها البراهين القاطعة، على توحيده جل وعلا، في قوله * (خلق السماوات والا رض بالحق تعالى عما يشركون) * إلى قوله * (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) * أتبع ذلك بقوله * (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) *.
وذلك واضح جدا في أن من يخلق غيره هو المعبود وأن من لا يخلق شيئا لا يصح أن يعبد.